السبت. سبتمبر 14th, 2024
المشرف العام : محمد الدمرداش
رئيسا التحرير : احمد الاحمر , محمد قطب

kasnews – كاس نيوز

ول موقع رياضي للالعاب الفردية و الالعاب الجماعيه و كل ما هو جديد من اخبار الرياضه المحليه و العالميه

د. ياسر أيوب : مصر والعالم وقضايا التحرش الرياضى

لابد فى البداية من عنوان واضح ومحدد للتعامل مع أى قضية أو حكاية .. وبالتالى لابد من وضوح القصد والغاية والهدف من أى محاولة لفتح ملف التحرش الجنسى باللاعبات فى مصر .. هل هو مجرد البحث عن أى فضائح وأسماء ووجوه تصلح لاستهلاك السوشيال ميديا .. أم التصدى الحقيقى لظاهرة أو أزمة قديمة ودائمة ومسكوت عنها طول الوقت فى مصر .. ولا أملك الآن ولن أحاول مستقبلا معرفة أى اسم يصلح متهما أو بطلا لحكاية فيها ما يكفى من إثارة وأسرار لتصبح فضيحة قديمة أو جديدة .. لكننى أعرف حكايات كانت ضحاياها لاعبات اختلفت أعمارهن وألعابهن وتجاربهن وأوجاعهن أيضا .. ولم تجروء أى لاعبة على أن تحكى حكايتها خجلا أو خوفا ولا أحد يستطيع أن يلومها لأن الذى سيحدث إن قررت أى لاعبة الحديث هو أن تصبح هى بطلة الفضيحة المستباح الحديث عنها والخوض فى سيرتها ومزيد من الإيذاء النفسى بعد الجسدى .. لكن لن يهتم أحد بأن تعود لها بعض حقوقها وبعض اعتبارها وكبريائها .. والحل الوحيد هو أن تتكلم الكثيرات فى وقت واحد .. والأهم هو ما الذى نريده من هذا الكلام .

فحين قررت لاعبات فرنسا الحديث وتحدثت معظم من تعرضن منهن لهذا التحرش .. لم يهتم أحد هناك بأسماء المتهمين قدر الاهتمام بألا تتكرر هذه الحكايات مستقبلا .. وبعد أن أمرت روكسانا ماراسينيانو وزيرة الرياضة الفرنسية منذ شهرين كل الاتحادات الرياضية فى بلادها بالتحقيق فى كل الحكايات والاتهامات .. بدأ سقوط المتهمين .. أكثر من أربعمائة مدرب وإدارى ومسئول كانت أعمار معظم ضحاياهم تقل عن 15 عاما .. ولم ينشغل المجتمع والإعلام الفرنسى كثيرا بهؤلاء إنما تركهم للقضاء لمحاكمتهم مع إبعاد أكثر من مائة مسئول ومدرب عن وظائفهم .. وكان الانشغال الأكبر والأهم هو معرفة كل الظروف التى سمحت بحدوث كل هذه الجرائم الرياضية الأخلاقية .. والقضاء على مناخ قديم كان يسمح بمثل هذه الجرائم .

وهو أيضا ما قامت به كاترينا ساكيلاروبولو رئيسة جمهورية اليونان بعدما تلقت منذ أيام رسالة من لاعبات جمباز يونانيات يحكين فيها ما جرى لهن وكيف تحرش بهن واعتدى عليهن مدربون ومسئولون .. ولأنها لم تكن المرة الأولى التى تفاجأ فيها رئيسة اليونان بحكايات التحرش الرياضى وليست فى لعبة الجمباز فقط .. فقد كان لابد من التحقيق بقصد محاسبة ومحاكمة المتهمين دون أى تهاون او شفقة بمن تثبت إدانتهم .. لكن الهدف الأكبر والأهم كان البحث عن تفاسير وأسباب واتخاذ خطوات واجراءات تمنع تكرار ذلك مستقبلا .. وما جرى فى فرنسا واليونان .. تكرر فى الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا ومعظم دول العالم .. فى أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية .. فلم يعد التحرش الرياضى جريمة تعاتى منها دول بعينها .. ولم يعد جريمة دول غنية أو فقيرة .. ناجحة رياضيا أو فاشلة .. وهى ليست جريمة جديدة إنما قديمة لكن بدأت اللاعبات فى مختلف البلدان يتحدثن ويحكين عما جرى بعد طول انتظار وصمت وعذاب .. وهناك دول بدأت تلتفت لهذه الجريمة برؤية صحيحة وشاملة ليس بحثا عن فضائح إنما للتفتيش عن حل وعلاج .. وهذا الحل تلزمه خطوات كثيرة لابد منها حتى يغدو الإصلاح حقيقيا وتكون للعلاج نتائج واقعية واضحة وظاهرة .. الخطوة الأولى هى أن تكسر اللاعبات دوائر وقيود وحواجز الخوف والسكوت .. وألا تكون لاعبة واحدة هى فقط التى تتحدث .. وامتلاك من يتحدثن لوقائع محددة حتى لو لم يجر نشرها فى الإعلام إنما أمام النيابة والقضاء فقط .. والخطوة الثانية هى ترك ما للقضاء للقضاء لكن يقوم الإعلام ومسئولو الرياضة بالتركيز على تفاصيل الوقائع وأسبابها والعوامل التى ساعدت على حدوثها وتكرارها أيضا .. والخطوة الثالثة هى شجاعة مسئولى الرياضة واعترافهم بوقوع أخطاء وجرائم إن حدثت دون أى محاولة للإنكار أو الهرب والتجاهل .. ودون أى محاولة لاغتيال اللاعبات اللاتى تكلمن معنويا وتصويرهن على أنهن منحرفات أو التشكيك فى أخلاقهن واتهامهن بأنها طالبات شهرة أو مال أو أنهن هن اللاتى سمحن بإرادتهن وسلوكهن بحدوث مثل هذه الجرائم .. وبدون تلك الخطوات الأساسية فلن يتغير أى واقع ولن يتم إصلاح أى خطأ ولن تتم محاسبة ومحاكمة أى مجرم