د. ياسر أيوب يكتب .. أولياء الأمور .. وتخريب الألعاب المصرية
يبقى أولياء الأمور من أهم الفوارق بين كرة القدم وبقية الألعاب فى مصر .. ففى كرة القدم نادرا ما تجد للأب أو الام حضورا أو دورا حقيقيا ومؤثرا فى صناعة لاعب كرة .. ويصعب فى المقابل أن تجد لاعبا أو لاعبة فى أى لعبة أخرى لا يحكى عن مدرب وناد واتحاد وبطولة قبل أن يطيل الحديث عن أب أو أم .. كما أنه لا يمكن لأى أب أو أم أن يصنعا من ابنهما نجما كرويا مهما حاولا ومهما كانت قوة الأب ومكانته ونفوذه .. لكنه ممكن جدا أن ينجح الاب والأم فى صناعة بطل حقيقى فى أى لعبة أخرى بشرط توافر الموهبة يالتأكيد .. ويفيض الواقع الرياضى المصرى بحكايات لا أول لها أو آخر عن بطولات ونجاحات وانتصارات فى مختلف الألعاب كان صانعها الحقيقى هما الأب أو الأم أو الإثنان معا .. وستبقى مصر مدينة بالكثير من الشكر والامتنان لمثل هؤلاء الآباء والأمهات الذين كانوا أصحاب الفضل الأول فى كئوس وميداليات وألقاب وبطولات فرحت بها مصر الرياضية
وهذا هو الوجه الجميل لظاهرة أولياء الأمور فى الرياضة المصرية .. وهناك أمام ذلك أكثر من وجه قبيح آن أوان مواجهتها وكشفها .. وأول ما ينبغى التوقف أمامه هو لماذا ومتى وكيف يدفع الآباء والأمهات ببناتهم واولادهم لممارسة الرياضة بمختلف ألعابها .. فهناك أسباب ودوافع منطقية وطبيعية مثل الترفيه والصحة والحيوية وتعلم النظام والالتزام والطموح والابتعاد عن كثير من الشرور والأذى .. وهناك فى المقابل التفاخر والبحث عن وجاهة زائفة .. وفى أى تدريب لأى لعبة فى أى ناد .. سنجد هذين الفريقين .. فريق الآباء والأمهات الذين لا يعنيهم إلا أن يلعب أولادهم وأن يستمتعوا بذلك .. وفريق آخر لمن يريدون دوما أن يفوز اولادهم سواء كانوا يستحقون ذلك أم لا .. فإن فازوا كانت الفرحة المبالغ فيها وكانت الصور والاحتفالات والتهنئة عبر السوشيال ميديا .. وإن لم يفوزوا فهى المجاملات والفساد فى النادى أو الاتحاد ومؤامرات الآخرين على أولادهم
وفى مقابل هؤلاء الرائعين الذين قادوا أولادهم إلى نجاحات رياضية حقيقية وأهدوا مصر بطولات عديدة وجميلة .. هناك الذين نجحوا ويواصلون بإصرار محاولاتهم لإفساد الرياضة المصرية .. هؤلاء الذين يدفعون الرشاوى لتمييز أولادهم فيفسدون المدربين ونفوس الصغار الآخرين الذين يطالهم الظلم ويغلبهم الإحباط .. والذين يثيرون الأزمات طول الوقت ليفقد الجميع أى تركيز ولا يترددون فى اختلاق فضائح وشائعات ليبقى أولادهم وحدهم وبذهب أولا الآخرين للجحيم .. والذين استغلوا الحافز الرياضى على سبيل المثال بالوساطة والنفوذ والرشاوى لينال أولادهم درجات دراسية لا يستحقونها ويأخذون أماكن كان غيرهم هم الأحق بها وتدفع الرياضة المصرية ثمن ذلك .. وهناك الذين أحالوا دروس الرياضة الخاصة من وسيلة قد تكون مشروعة لتنمية مواهب وقدرات اولادهم إلى ظاهرة مؤسفة تصبح فيها الرياضة مجرد وسيلة لاستنزاف المال والأخلاق والعدالة .. ومهما كان حجم الأموال التى تضيع فى أكاديميات الوهم والنصب الكروى .. فهى لا تمثل شيئا أمام حجم الأموال المستنزفة فى الدروس الخصوصية لمختلف الألعاب الأخرى دون أى مردود أو نتائج حقيقية
ومن الحلول الواجبة واللازمة التى لابد منها لحسم هذا الأمر .. مثل إلغاء كثيرا من مسابقات وبطولات مصر للصغار والناشئين التى لا مثيل لها فى العالم حولنا حيث هناك دائما سن محددة يبدأ عندها التنافس الرياضى وليس قبلها .. فالصغار لهم الحق فى الاستمتاع بالرياضة أولا قبل أن نحيلها بالنسبة لهم إلى صراع ومنافسات .. وأيضا منع أولياء الأمور من حضور تدريبات أى لعبة فى أى ناد .. فالأباء والأمهات الذين يريدون الفرجة على أولادهم يلعبون يستطيعون الاستمتاع بذلك فى النادى أو أى مكان آخر دون إقحام أى ناد أو اتحاد رياضى فى ذلك .. والتصدى الرياضى لظاهرة الدروس الخصوصية ودور الإعلام الرياضى فى كشف زيفها وعدم جدواها والذن يستنزفون أموال الناس تحت وهم تحويل أولادهم إلى أبطال ونجوم