د. ياسر أيوب يكتب : الألعاب الأكثر إقترابا من السياسة
أدت شهرة كرة القدم ومكانتها مع قوة إعلامها وانتشار أخبارها وحكاياتها ونجومها إلى تغييب كثير من الحقائق وجهل الكثيرين بها .. وعلى سبيل المثال بات من السهل والممكن والمتاح معرفة أن النجم الكروى الكبير جورج ويا قد أصبح فى عام 2017 رئيسا لجمهورية ليبيريا .. وأصبح من الشائع أن يقول ويكتب كثيرون أن جورج ويا أصبح أول نجم رياضى يصل لمنصب الرئيس فى بلاده .. والحقيقة أن ويا كان فقط أول لاعب كره يصبح رئيسا للجمهورية لكنه ليس الرياضى الأول الذى يحقق ذلك .. ففى عام 1971 .. أصبح عيدى أمين هو أول رياضى يصل إلى مقعد الرئاسة فى بلاده .. فبطل الملاكمة لوزن خفيف الثقيل بعد اعتزاله اللعب وانخراطه فى السياسة أصبح رئيسا لأوغندا حتى عام 1975 .. وكان الرياضى الثانى الذى يحقق ذلك هو جيرالد فورد .. لاعب كرة القدم الأمريكية الذى أصبح فى عام 1974 هو الرئيس الثامن والثلاثين للولايات المتحدة الأمريكية بعد اضطرار ريتشارد نيكسون للاستقالة عقب فضيحة ووترجيت .. وهكذا لم يكن جورج ويا هو الرياضى الأول .. بل إنه فى حقيقة الأمر لم يكن لاعب الكرة الأول أيضا حيث سبقه أحمد بن بيلا لاعب الكرة الذى شارك رسميا فى بطولات فرنسا قبل أن يصبح فى عام 1963 أول رئيس للجزائر بعد استقلالها .. لكن الإعلام العربى أغفل هذه الحقيقة لأنه وقتها لم يكن يليق بالرؤساء أو السياسيين العرب أن يلعبوا الكرة أو حتى يهتموا بها
وهكذا .. تم إغفال أو تجاهل ونسيان كل من عيدى أمين وجيرالد فورد لمجرد أنهما لم يكونا من أهل كرة القدم .. وهى فى كل الأحوال حكاية تصلح كمجرد صفحة أولى فى ملف لم يسبق أبدا لأى أحد التقليب فى أوراقه .. ملف الرياضيين الذين تحولوا للسياسة بعد اعتزالهم اللعب .. وأى لعبة هى الأقرب للسياسة والحكم والتى ينجح أبناؤها أكثر من غيرهم فى تحقيق نجاحات سياسية .. وستكون مفاجأة لكثيرين أن كرة القدم .. بكل شهرتها وشعبيتها وأضوائها .. ليست هى اللعبة الأكثر قدرة على فتح أبواب السياسة بمختلف مجالاتها أمام أبنائها .. إنما تبقى ألعاب القوى هى التى تفتح الأبواب أمام نجومها أكثر من أى لعبة أخرى .. وبالتأكيد لن يكون هناك أى تفسير واضح لذلك إنما هو مجرد رصد للرياضيين الذين أصبحوا سياسيين والمقارنة بين أبناء ونجوم مختلف الألعاب .. وإذا كانت كرة القدم لم تنجح فى أن تصل بأحد أبنائها لمقعد رئاسة الحكومة فى بلاده .. فقد نجحت لعبة الكريكيت فى أن تصل بأحد أبطالها العالميين .. عمران خان .. لرئاسة الحكومة فى باكستان .. ونجحت نفس اللعبة أيضا فى أن تصل بهربرت آدامز لمفعد رئاسة الحكومة فى جزر الهند الغربية .. ونجحت كرة اليد فى ان تصل بمصطفى مدبولى لرئاسة الحكومة فى مصر .. وإذا كانت كرة القدم قد نجحت فى أن تصل بأبنائها إلى مقاعد وزراء الرياضة فى بلادهم مثل بيليه فى البرازيل وطارق دياب فى تونس وطاهر أبو زيد فى مصر .. فقد نجحت ألعاب القوى فى ان تصل بنوال المتوكل لوزارة الرياضة المغربية .. وحين لم تنجح كرة القدم فى أن تصل بأحد نجومها إلى مقاعد وزارية أخرى بعيدا عن الرياضة .. فقد نجحت السباحة فى أن تقود أحد أبطالها .. جان بول آدام .. لمقعد وزير الشئون الخارجية فى دولة سيشيل ثم بعدها وزيرا للاقتصاد والتجارة .. كما نجحت ألعاب القوى فى أن تصل بأجيرى أورو لمقعد وزير الإعلام والاتصالات فى أوغندا
وقد قمت بإحصائية كانت شاقة لكن ممتعة حول الرياضيين الإنجليز الذين تحولوا إلى سياسيين منذ بداية القرن الماضى سواء كوزراء أو أعضاء فى البرلمان أو قادة أحزاب سياسية .. واخترت إنجلترا بالتحديد لأنها بالفعل الدولة التى ابتكرت معظم الألعاب الرياضية بشكلها الحالى .. وهى أيضا أكثر دولة فى العالم مارس فيها الرياضيون السياسة بعد اعتزالهم اللعب .. وكان الاكتشاف الأهم هو أن لعبة الكريكيت هى التى قدمت العدد الأكبر من الرياضيين السياسيين .. 194 سياسى إنجليزى كانوا فى الأصل لاعبى كريكيت مقابل 19 فقط كانوا لاعبى كرة قدم .. بينما كان هناك 23 سياسيا من لاعبى التجديف و17 من لاعبى الرجبى و11 من ألعاب القوى و10 من التنس و9 من سباقات اليخوت و5 من لاعبى الملاكمة والجولف أيضا .. و4 من لاعبى الشطرنج .. و3 من كل من الفروسية والكاراتيه وسباقات السيارات والبولو .. و2 فقط من المبارزة والسباحة والهوكى والرماية وهوكى الجليد .. وسياسى واحد فقط من الإسكواش وهوكى الإنزلاق