الثلاثاء. يناير 21st, 2025
المشرف العام : محمد الدمرداش
رئيسا التحرير : احمد الاحمر , محمد قطب

kasnews – كاس نيوز

ول موقع رياضي للالعاب الفردية و الالعاب الجماعيه و كل ما هو جديد من اخبار الرياضه المحليه و العالميه

د. ياسر أيوب يكتب : التاريخ المزور للمصريين والرياضة

لأسباب سياسية واجتماعية ونفسية كثيرة جدا .. لم يعرف المصريون الألعاب الرياضية بشكلها الحديث إلا مع قدوم الإنجليز لمصر عام 1882 .. وكل الدراسات التى قرأها المصريون من قبل عن تاريخ الرياضة فى بلادهم .. بذل أصحابها كل ما يستطيعونه من طاقة جهد .. وقدموا غاية ما يملكونه من إثباتات وأدلة ليثبتوا أن المصريين القدماء هم أول من لعب وأول من مارس الرياضة بمعناها الحقيقى .. وهذا صحيح وحقيقى لكن لم ينشغل أحد من هؤلاء بالبحث عن من كان له حق اللعب من بين هؤلاء القدماء .. لم يتوقف أحد منهم أمام حقيقة أن المصريين فى عمومهم لم يكونوا يلعبون حتى فى زمن الفراعنة أول من اخترع اللعب .. الملوك والأمراء والفرسان والجنود وحدهم هم الذين كان لهم حق اللعب


وأكد فيليب فينكس فى كتابه عن فلسفة التربية أن الرياضة فى ذلك الزمن البعيد كانت مقصورة على النبلاء دون عامة الشعب .. ورغم أن مصر فى زمن الفراعنة عرفت مصر ألعابا كثيرة مثل رمى الكرة والمصارعة والملاكمة والسباحة والعدو والقفز والفروسية والتجديف والمبارزة .. ولكن كان الملوك والأمراء والنبلاء هم وحدهم المسموح لهم بالتسابق بالعربات .. وركوب الخيل .. والصيد .. وغالبا ما كان الملوك يحبون أن يشاهدوا جنودهم يتصارعون ويتقاتلون مع العبيد حيث كانت المصارعة وحدها هى اللعبة الشعبية التى لا تليق بالملوك فيكتفون فقط بمشاهدتها .. وفيما يخص الكرة .. فقد كانت هناك لعبة الكرة المقدسة التى لا يلعبها إلا الملك حين كان يضرب الكرة بعصا أو صولجان وفى المقابل يقف كاهنان يحاولان تلقفها .. وغير الكرة المقدسة كان اللعب بالكرة معروفا عند قدماء المصريين .. إما للكبار على شكل لعبة البولو كما يلعبها العالم اليوم .. أو للصغار يتقاذفونها ويتخاطفونها بالأيدى وكانوا يصنعون تلك الكرة من ألياف البردى أو النخيل أو من قش الشعير ثم يخاط عليها بقطع من الجلد .. وكان الكل يلعب بهذه الكرة حتى الفتيات كان مسموحا لهن بممارسة هذه اللعبة .. فالكرة كانت لعبة أساسية فى مصر .. ربما لأنها كانت ترمز للشمس أصل الحياة .. وربما لأن الكرة كانت كما يشير روبرت هندرسون ترمز إلى طقوس الإخصاب عند الفراعنة .. بل إن هندرسون يؤكد فى كتابه بعنوان الكرة والمضرب والكاهن أن أى لعبة كرة فى التاريخ استمدت معناها وأصولها وأساسياتها من الممارسات المصرية المقدسة .. وإلى جانب لعب الكرة .. كان مسموحا أيضا لأطفال الفراعنة بممارسة الألعاب البهلوانية أو الراقصة .. وكان ممكنا أيضا أن يلعب الأطفال من عامة الشعب لعبة الذراعين التى اشتهرت فيما بعد وأصبحنا نعرفها باسم لعبة القوة أو ” الرست ” ولكنهم كانوا يلعبونها وقوفا لا جلوسا .. كما كان مسموحا لهم أيضا بلعب البلى والكرة النطاطة .. وكانوا أيضا يمارسون الجرى والقفز .. أما الألعاب الرياضية الحقيقية فلم يكن يمارسها إلا طبقة الجند حيث كانت هذه الألعاب أساسية فى التدريب العسكرى
وهى صورة لم يحدث ما يستدعى تغييرها حتى بعد انتهاء زمن الفراعنة ومجئ البطالمة ثم الرومان .. فحتى الغرباء الذين جاءوا إلى مصر .. كانوا بدورهم لا يعترفون بممارسة الرياضة إلا كحق للملوك والأمراء وحدهم كما أكد هوميروس فى الإلياذة وكثيرون غيره .. وهكذا بقت الرياضة بنفس ألعابها وظلت ممارستها مقصورة على الملوك والأمراء والنبلاء .. ومن الواضح أن الناس لم يعد يزعجهم ذلك .. لا ظروفهم الصعبة ولا مقادير حياتهم المتقلبة والمضطربة كانت تسمح لهم بمثل هذا الترف والبحث عن حقهم الضائع فى اللعب بينما يعانون مشقة البحث عن حقوق أهم وأجدى مثل الأمان ولقمة العيش والسقف والمأوى ودامت هذه الحقيقة واستمر هذا الواقع وبقى عموم المصريين غير مسموح لهم باللعب المقصور على السادة والقادة والنبلاء والحكام وحدهم .. وعاش المصريون طويلا لا يحبون الحركة .. لا يرحبون ببذل الجهد أو التعب إلا سعيا وراء الرزق .. وفيما عدا ذلك .. فالسكون يستهويهم .. والرياضة لا تعنيهم ولا هى أصلا من مفردات همومهم وأيامهم ودنياهم ولا تشغل ممارستها أى مساحة فى نظام حياتهم .. وكان من الممكن أن يبقوا هكذا إلى ما شاء الله لولا أن جاء الإنجليز .. وجاءت معهم ألعاب رياضية كثيرة كالتنس والفروسية والإسكواش والبولو وكرة القدم .. ولأن الإنجليز الذين جاءوا لاحتلال مصر عام 1882 كانوا ضباطا وقادة يحبون الألعاب الراقية من وجهة نظرهم وتركوا كرة القدم يلعبها جنودهم فة ميادين مصر وحواريها .. فقد بقى عموم المصريين بعيدا عن تلك الالعاب الراقية والتفتوا لكرة القدم التى أتاحت لهم الفرصة والحق فى اللعب لأول مرة فى تاريخهم الطويل .. وخلت أندية الإنجليز مثل الجزيرة وهليوبوليس وسبورتينج والمعادى من كرة القدم التى عشقتها الحوارى وبيوت الفقراء والنادس العاديين .. وهكذا انحاز عموم المصريين لكرة القدم على حساب أى لعبة أخرى .. ولا تزال هذه الألعاب تدفع ثمن ذلك حتى الآن