السبت. ديسمبر 14th, 2024
المشرف العام : محمد الدمرداش
رئيسا التحرير : احمد الاحمر , محمد قطب

kasnews – كاس نيوز

ول موقع رياضي للالعاب الفردية و الالعاب الجماعيه و كل ما هو جديد من اخبار الرياضه المحليه و العالميه

د. ياسر أيوب يكتب : الرياضة والسلام .. وأكاديمية نوبل للسلام

لا أزال أعتز بأننى كنت صاحب الحوار العربى الوحيد مع جير لونشتاد حين كان لا يزال يدير أكاديمية نوبل للسلام فى التى تمنح كل عامر جائزة السلام العالمية الكبرى والشهيرة .. وأيضا صاحب أول حوار بكل لغات العالم على الإطلاق مع هذا الرجل عن الرياضة فى حياتنا .. وقد طال هذا الحوار اكثر من ثلاث ساعات فى مكتب بسيط وأنيق داخل أكاديمية نوبل فى قلب العاصمة النرويجية أوسلو .. وبعد هذه الساعات وإعجاب واحترام لونشتاد لأسئلتى ونقاشى معه .. فقد أدخلنى غرفة الاجتماعات الصغيرة التى تتم فيها مداولات واختيار الفائز بالجائزة كل سنة .. وحكى لي عن أبرز الخلافات ومن كانوا مرشحين للجائزة وتم استبعادهم فى آخر لحظة أو من تم منحهم الجائزة دون اقتناع حقيقى بأنهم من صناع السلام فى العالم .. وسمح لى لونشتاد أيضا بقراءة الخطاب الشخصى الذى أرسله له جوزيف بلاتر حين كان رئيسا للفيفا يطلب فيه الفوز بجائزة نوبل للسلام
ومن أهم ما سمعته من جير لونشتاد أثناء هذا الحوار كان يخص مباراة تنس الطاولة الشهيرة بين منتخبى الولايات المتحدة والصين .. وهى المباراة التى قبل وقتها أنها بدأت ديبلوماسية البينج بونج .. وكثر بعدها الاستشهاد بها فى قدرة الرياضة على صنع السلام .. وأصبح من المعتاد أن يتذكر هذه المباراة كل من أراد الكتابة عن الرياضة والسلام ويستشهد بمباراة تنس طاولة أعادت العلاقات الديبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين بعد طول جفاء وكراهية وعداء .. وقد كنت أحد المفتونين بعباراة ديبلوماسية البينج بونج إلى أن التقيت بمدير أكاديمية نوبل للسلام الذى فاجانى بخرافة ووهم كل هذا الذى يقال عن تلك المباراة وديبلوماسية الرياضة أو البينج بونج .. وأمسك لونشتاد بقلم وبدأ يشرح الوضع السياسى العالم وقتها وكيف ولماذا احتاجت الولايات المتحدة والصين للتعاون معا وتبادل المصالح بدلا من دوام المعارك أيا كان شكلها وساحاتها .. ولهذا كان لابد من إنهاء كل ذلك وبدء مرحلة جديدة من الوفاق والسلام .. وبالفعل تم التفاوض على كل ذلك وتحديد المصالح والمكاسب المشتركة والاتفاق أيضا على استبعاد مؤقت لكل ما قد يعيد الخلافات من جديد .. ولم يبق إلا اختيار الوقت المناسب للإعلان عن ذلك والوسيلة االمناسبة أيضا .. فكانت مباراة تنس الطاولة الشهيرة عام 1971 حين ذهب المنتخب الأمريكى لتنس الطاولة لمواجهة المنتخب الصينى فى بكين
وقال لونشتاد بعد هذا الشرح أنه من المؤسف أو من المخجل تصور أن مباراة لتنس الطاولة هى التى صنعت السلام بين البلدين وانهت حالة العداء الحاد والطويل
وأكد وقتها مدير أكاديمية نوبل للسلام أن حديثه لا يعنى عدم حبه للرياضة أو اهتمامه بها واحترامه لها .. بل يراها دائما وسيلة للفرحة والبهجة وقد أدرك ذلك منذ بدأ يعيش طفولته فى مقاطعة سوليتجيلما شمال النرويج حيث بدأ يستمتع بأكثر من لعبة مع أصدقائه وأشقائه .. وقال لونشتاد أن الرياضة باتت ظاهرة عالمية تتجسد فيها معان كثيرة ويمكن تحليلها والوقوف أمامها بالتأمل والتدقيق والرصد .. لكنه يريد فقط التعامل مع الرياضة يقواعد طبيعية ومنطقية دون مبالغة وتهويل ودون تهميش وتجاهل .. فالرياضة باتت مهمة جدا وبإمكانها صنع وتقديم الكثير للعالم .. لكن لابد أن يدرك الجميع أن الرياضة لن تصنع سلاما ولن تعالج مريضا ولن تبنى بيتا أو تقدم طعاما .. إنما قد تساعد فى كل ذلك فتصبح ساحة مناسبة لمن يريدون السلام ووسيلة رائعة لجذب الانتباه والاهتمام لعلاج الناس ورعايتهم ومساندتهم مهما كانت حياتهم شاقة ومؤلمة .. وبهذا المنطق يمكن أن تتحول الرياضة بالفعل إلى وسيلة فاعلة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا أيضا
فالرياضة قد تسمح بحوار أبدا لا تسمح به السياسة وقواعدها وقيودها .. والرياضة قد تكون أهم وسيلة دعاية وأشد تأثيرا من الف إعلان دعائى .. وبصوت عال أكد جير لونشتاد .. أن الرياضة سلاح حقيقى لم يتم استخدامه بعد فى مناطق كثيرة فى عالمنا .. وأنه يمكنها المساعدة فى تغيير وتجميل هذا العالم فقط لو ادرك الجميع قيمتها ومعانيها وضرورتها ايضا