الخميس. يناير 23rd, 2025
المشرف العام : محمد الدمرداش
رئيسا التحرير : احمد الاحمر , محمد قطب

kasnews – كاس نيوز

ول موقع رياضي للالعاب الفردية و الالعاب الجماعيه و كل ما هو جديد من اخبار الرياضه المحليه و العالميه

د . ياسر أيوب يكتب : برجيت .. بطلة الجودو التى غيرت شكل الحياة فى أفغانستان

ليست كثيرة تلك الحكايات الرياضية التى تتحول لتصبح بسرعة أعمق وأهم وأجمل من مجرد اللعب والمنافسة والبطولة .. حكايات تمتزج فيها الرياضة بالحب والأحلام والبحث عن حياة أفضل واستعادة حقوق غائبة .. وإذا كانت شعبية كرة القدم وقوة إعلامها تجعل الكثيرين جدا يعرفون حكاياتها .. فإن برجيت راينينجين باتت صاحبة حكاية لا تقل فى أهميتها أو ضرورتها عن كل حكايات كرة القدم .. وسأبقى دائما شديد الاعتزاز بأننى الذى شجعت بطلة الجودو النرويجية برجيت وأقنعتها بأن تروى للناس حكايتها بل أننى كنت الذى جمعت كل تفاصيل الحكاية وكتبتها بنفسى وأهديتها للإعلام الرياضى فى مختلف بلدان أوروبا حين كنت أعمل مستشارا إعلاميا للإتحاد الأوروبى للجودو فى بودابست .. فبرجيت كانت إحدى بطلات أوروبا للجودو .. وذات مساء .. وفى أحد مقاهى مدينة أوسلو .. جلست برجيت مع صديقاتها ومنهن جوريل جوهانسون التى كانت تحكى عن حبيبها ستيج تافيك الذى يعمل كديبلوماسى فى السفارة النرويجية فى العاصمة الأفغانية كابول .. وقالت جوريل أن الجودو الأفغانى كاد يتوقف تماما وأن طالبان منعت أى فتاة من ممارسة الجودو وتهديد بالعقاب القاسى لكل إمرأة أو فتاة تفكر فى ممارسة هذه اللعبة أو أى لعبة أخرى


ولأن برجيت كما عرفتها كثيرا وطويلا لم تكن مجرد لاعبة أو فتاة جميلة مشغولة بنفسها فقط .. وكانت طيلة سنين عمرها مختلفة عن كل زميلاتها سواء فى دراسة الكيمياء بالجامعة أو لعب الجودو .. وعنيدة يصعب كسرها أو إجبارها على أى شىء .. فتاة تؤمن بأن النجاح هو الجائزة التى لن يستحقها إلا من عاش حياته تعبا وأملا ومعاناة والتزاما ورغبة فى تحقيق الأحلام .. فقد قررت برجيت فجأة السفر إلى كابول والتضامن مع فتيات أفغانستان الممنوعات من اللعب .. فإن لم تكن الرياضة سلاحا وأداة لتغيير حياة هؤلاء الفتيات ومنحهن الحق فى ممارسة اللعب والاستمتاع ببهجته وفرحته .. فلا قيمة للرياضة أصلا ..وبدأت برجيت تقنع المؤسسات النرويجية فى دعم مشروعها للدفاع عن حق الأفغانيات فى الرياضة .. ولم تجمع إلا القليل من المال الذى يكفى لسفرها ومعها ثلاث لاعبات أخريات والبقاء فى كابول أسبوعين فقط .. وبالفعل سافرت برجيت وزميلاتها وبدأت تزور أندية الجودو فى كابول .. وكانت تفاجىء الرجال فى هذه الأندية بحديثها عن حق الفتيات فى اللعب .. وكانت النساء من خلف البرقع يقولون لها أن ما تريده هو المستحيل .. وبالفعل كان مستحيلا .. ولم يبد أن أحدا فى كابول كلها على استعداد للمغامرة ومساعدة هذه الفتاة القادمة من الشمال تتحدى سلطة طالبان وقراراتها


وانتهت الزيارة وعاد الجميع إلى أوسلو وعادت برجيت ومعها نوتة حمراء صغيرة كتبت فيها كل ما تحتاج إليه لتحقيق حلمها الأفغانى .. وبدأت من جديد تجمع المال .. وساعدها الاتحاد النرويجى للجودو .. وبدأ يقتنع بحلمها كثيرون أهمهم كان والدها الى بدأ بالرفض المطلق لفكرة سفر ابنته وخوض الحرب ضد طالبان لكنها أقنعته بعد وقت طويل وحوارات كثيرة .. فتبدل موقفه وأعطاها الكثير من المال .. وسافرت برجيت وحدها من جديد إلى كابول ومعها ملابس الجودو ومستلزماته وأيضا فساتين وهدايا للأفغانيات الصغيرات .. وقضت برجيت ثلاثة أشهر متواصلة تحاول تحقيق حلمها .. ذهبت إلى كثير من بيوت كابول .. جلست على الأرض مع الأمهات والتقت فى المقاهى مع الآباء والأشقاء .. خاضت الكثير جدا من الحوارات والمواجهات الصعبة والقاسية .. كانت تدافع عن حق كل إمرأة وفتاة فى اللعب .. درست الإسلام لتقول للرجال هناك أنه دين يمنح المرأة حق الحياة وكبرياء الإنسان .. وحين بدأ البعض يقتنع ويوافق .. جاءت زميلات برجيت من أوسلو وبدأن العمل فى استاد كابول المهجور .. كان العمل مع الأولاد فقط أولا حيث قالت لها سلطات طالبان أنها ستسمح لها بتدريب الأولاد لا البنات .. وبعد قليل بدأت تتسلل البنات للتدريب .. ومقابل أن تسمح لها طالبان بتدريب الفتيات .. وافقت برجيت على تدريب المنتخب الأفغانى للرجال .. وبالفعل بدأت الفتيات الصغيرات يمارسن الجودو مع برجيت فى ثلاثة أندية فى كابول هى نادى شفيق ونادى أشيانا ونادى زكريا


ويوما بعد يوم .. اسبوعا بعد أسبوع .. كانت الفتاة الأفغانية تكتسب مزيدا من حقوها فى الخروج من زنزانة البيت لتلعب وتفرح وتحلم .. وبقيت برجيت تحتضن عشرات الفتيات وتشجعهن على المحافظة على هذا الحق حتى لو اخترن لعبة أخرى غير الجودو .. وبالفعل نجحت برجيت فى تغيير شكل الحياة أمام كثير جدا من فتيات كابول .. نجحت فى إثبات أن الجودو .. والرياضة كلها .. تستطيع تغيير أى مجتمع وتستطيع إضافة البهجة مهما كانت الظروف قاسية وكان الواقع شديد المرارة .. ورغم كل ذلك لم تكن برجيت تريد أن تحكى عما جرى إلى أن نجحت فى إقناعها سواء فى بودابست أو أسلو .. وأعطتنى النوتة الحمراء وكل أوراقها وصورها لأكتب الحكاية كاملة التى تحولت بها برجيت من فتاة جميلة وبطلة للجودو إلى صاحبة حكاية استثنائية صفقت لها أوروبا والعالم كله