د. ياسر أيوب يكتب : صلاح وفريال والمصريون فى وهران

بين البحر وجبل مرجاجو وهضبة مولاى عبد القادر الكيلانى وعلى ايقاعات الملحون والراى .. سيتسابق 177 لاعبة ولاعب مصرى للبحث عن الميدالية رقم 568 لمصر فى ألعاب البحر المتوسط .. والميدالية الأولى لمصر فى الدورة 19 التى تستضيفها مدينة وهران الجزائرية .. وبالتأكيد لن تكون الميدالية الأخيرة لمصر التى تشارك فى هذه الدورة الجديدة بأحلام أكبر وأجمل من أى دورة سابقة .. ففى وهران سيلعب المصريون بعد أن تغيرت حسابات رياضية كثيرة .. ففى آخر دورة لألعاب المتوسط استضافتها مدينة تراجونا الإسبانية فى 2018 .. احتلت مصر المركز الخامس واحتفلت بذلك لأنها حافظت على هذا الترتيب الذى كان لمصر أيضا فى الدورة التى سبقتها فى مدينة مرسين التركية 2013 .. ورغم أن مصر فى هاتين الدورتين كانت الخامسة بعد كل من إيطاليا وإسبانيا وتركيا وفرنسا .. إلا أنها سبقت كل الدول المتوسطية العربية .. وهو الذى لم تنجح مصر فى تحقيقه منذ 1971 فى أزمير التركية حتى 2009 فى بيسكارا الإيطالية .. وإذا كانت مصر قد ذهبت إلى مرسين التركية ثم تراجونا الإسبانية وطموحها الرياضى هو التفوق العربى ثم المحافظة عليه .. فإنها الآن ياتت تطمح وتحلم بما هو أكثر وأكبر من ذلك
ومنذ 2018 وحتى الآن .. تغيرت مصر الرياضية كثيرا جدا .. فقد أصبحت تملك محمد صلاح .. والمقصود هنا ليس صلاح نجم ليفربول وهداف الدورى الإنجليزى وأحد أفضل وأشهر لاعبى كرة القدم فى العالم .. إنما المقصود هو ما قدمه صلاح للرياضة المصرية التى رفعت سقف طموحها الرياضى ولم تعد تقنع بانتصارأفريقى أو عربى .. ولم تعد العالمية الرياضية بالنسبة لها تعنى مجرد المشاركة مع الكبار إنما تسعى وتحلم بأن تكون وسط الكبار .. كما أن مصر فى دورة طوكيو الأوليمبية 2020 نجحت أيضا فى أن تفوز لأول مرة فى تاريخها بأول ميدالية أوليمبية ذهبية نسائية وكانت لفريال أشرف فى الكاراتيه .. وستشارك فريال فى وهران وستشارك أيضا نعمة سعيد التى أصبحت بطلة العالم لرفع الأثقال .. ومثل فريال ونعمة بطلات مصريات كثيرات لم يعدن يكتفين بحق المشاركة إنما يحلمن أيضا بالبطولة والانتصار .. وليست اللاعبات فقط إنما اللاعبون أيضا فى الذين أصبحوا نجوما لمصر فى تنس الطاولة مثل عمر عسر وهنا جودة ودينا مشرف وأحمد صالح .. والرماية مثل عزمى محيلبة وماجى العشماوى .. والمصارعة مثل كيشو وعبد اللطيف منيع.. والسلاح مثل محمد السيد وأحمد السيد وعلاء أبو القاسم .. وألعاب القوى مثل إيهاب عبد الرحمن وبسنت حميدة .. والجمباز مثل على زهران ونانسى طمان .. والتايكوندو مثل سيف عيسى .. والملاكمة مثل عبد الرحمن عرابى .. والريشة الطائرة مثل ضحى هانى ونور يسرى .. إلى جانب نجوم وأبطال الألعاب الجماعية .. ولا أقصد أن هؤلاء فقط هم النجوم .. لكنهم الذين حققوا بطولات قارية ودولية فى السنتين الماضيتين .. وقد يفوز غيرهم فى وهران .. فالرياضة المصرية باتت تملك بطلة أو بطلا جديدا فى كل عام جديد وفى مختلف الألعاب حتى تلك التى لم نكن فى الماضى نجروء على أن نحلم فيها ببطولات وميداليات
وإذا كانت الجزائر قد نجحت فى التخطيط لأن تصبح الدورة 19 لألعاب المتوسط فى وهران بمثابة احتفالية ثقافية وفنية جميلة وراقية بالإضافة للمنافسات الرياضية حسب تصريحات صورية مولوجى وزيرة الثقافة الجزائرية .. وستكون هناك عروض فنية وحفلات موسيقية ومسرح للشارع ومعرض للكتاب .. فإن لاعبات ولاعبى مصر يستطيعون أن يضيفوا التاريخ أيضا إلى الرياضة والثقافة والفن .. فمصر فى كل دورات البحر المتوسط الماضية لم تحقق المركز الثالث بعد إيطاليا وفرنسا سوى مرة وحيدة وكانت فى الدورة الأولى التى استضافتها الإسكندرية 1951 .. ولم يعد حلما مستحيلا أن تكرر مصر ذلك فى هذه الدورة فى وهران التى ارتبطت مع الإسكندرية باتفاقية توأمة تم توقيعها مؤخرا .. وتستطيع لاعبات ولاعبو مصر أيضا تحويل انتصاراتهم وميدالياتهم فى وهران إلى احتفالية بمحمد طاهر باشا رئيس اللجنة الأوليمبية المصرية وعضو اللجنة الأوليمبية الدولية .. فهو الذى فكر فى دورة رياضية لبلدان البحر المتوسط وطرح الفكرة فى دورة لندن الأوليمبية 1948 وظل يحاول ويشرح حتى نجح فى إقناع الدول المتوسطية شمال وجنوبا .. وبعدما حصل على موافقة واعتماد اللجنة الأوليمبية الدولية .. نظم الدورة الأولى فى الإسكندرية .. وكلما أقيمت دورة جديدة فى مدينة متوسطية .. كان ذلك يتحول إلى تحية جديدة للباشا المصرى الذى ابتكر هذه الألعاب وخطط لها ونجح فى أن يبدأها.