الأربعاء. سبتمبر 11th, 2024
المشرف العام : محمد الدمرداش
رئيسا التحرير : احمد الاحمر , محمد قطب

kasnews – كاس نيوز

ول موقع رياضي للالعاب الفردية و الالعاب الجماعيه و كل ما هو جديد من اخبار الرياضه المحليه و العالميه

د. ياسر أيوب يكتب : فرانسيس أو الصعلوك الذى أصبح بطلاً للعالم

قبل أى حديث عن فوز فرانسيس نجانو ببطولة يو إف سى للوزن الثقيل واستحقاقه لقب الرجل الأقوى والأكثر صلابة وبطل الألعاب القتالية فى العالم .. لابد أولا من التوقف أمام فرانسيس نفسه بعدما اعتبره نقاد وخبراء وكتاب الرياضة فى الولايات المتحدة وأوروبا صاحب حكاية رياضية استثنائية بالغة الغرابة والتناقضات .. وليس السبب أن فرانسيس كان طفلا من فقراء الكاميرون .. فمعظم نجوم الرياضة فى مختلف الألعاب كانوا فقراء وعاشوا فى طفولتهم وصباهم الكثير من المعاناة والحرمان ثم لعبوا واجتهدوا وتألقوا وأصبحوا نجوما يملكون المال والشهرة .. لكن تختلف حكاية فرانسيس عن تلك الحكايات المعروفة والمتوقعة لكثير من النجوم الآخرين
فقد ولد فرانسيس نجانو فى بلدة باتى غرب الكاميرون وسط أسرة فقيرة للغاية .. وانفصل والده قبل أن يكمل فرانسيس عامه السادس فذهب للعيش مع عمة له .. وحين أتم العاشرة كان عليه التوقف عن الذهاب للمدرسة ليعمل حتى ينفق على نفسه .. وحاولت عصابات البلدة ضم فرانسيس لكنه رفض الانضمام لاى منها وبقى وحده يبحث لنفسه عن مكان وحياة بعيدا عن ضعف والده وصورته غير الجميلة ..

وبدأ فرانسيس يمارس قتال الشوارع وممارسة أى أعمال متاحة له .. وفى سن الثانية والعشرين وقع فى غرام الملاكمة وبدأ تدريباتها وممارستها لكنه توقف بعد سنة واحدة فقط نتيجة المرض وعاد يبحث عن أى أعمال تكفى أجورها للبقاء على قيد الحياة
وفى سن السادسة والعشرين .. قرر فرانسيس الهجرة إلى باريس حالما بإحتراف الملاكمة .. وبمجرد وصوله إلى أوروبا .. ألقى البوليس الإسبانى القبض عليه لدخوله البلد بطريقة غير شرعية وتم سجنه شهرين نجح بعدها فى التسلل إلى فرنسا .. وفى باريس قضى وقتا طويلا بدون مال أو عمل أو حتى مكان يقيم فيه .. فأصبح من سكان شوارع باريس يأكل أى شىء وينام فى أى حديقة أو فوق أى رصيف .. حتى التقى بمدرب للفنون القتالية اسمه ديديه كارمونت بالقرب من أحد أندية الملاكمة .. واستمع ديديه لحكاية فرانسيس فتعاطف معه وأعطاه المال وقرر مخاطبة أصحابه ليقبلوا تدريب فرانسيس بعدما أحضر له ديديه ثيابا وحذاء ووفر له مكانا ينام فيه .. وبدأ ديديه يغير من شكل فرانسيس وحياته .. وكان ذلك كله هى نقطة التحول التى أحالت الشاب الفقير الصعلوك والمتسول الذى لا عنوان له أو حياة ومستقبل ليصبح بطلا للعالم


ففى عام 2015 .. بدأ فرانسيس مشواره مع الملاكمة والألعاب القتالية فى بطولات يو إف سى .. وهى منظمة أو شركة أمريكية للألعاب القتالية تأسست عام 1993 فى دنفر بولاية كولورادو .. وسرعان ما أصبحت منظمة عالمية كبرى ترعى وتنظم مسابقات عديدة يتابعها العالم كله عبر مختلف الشبكات التليفزيونية .. وحين انضم فرانسيس لهذه المؤسسة .. كان فى التاسعة والعشرين من عمره .. والمفاجأة أنه فاز بأولى مبارياته بالضربة القاضية فى الجولة الثانية .. ومهم جدا التوقف أمام ما جرى .. فيومها لم يكن فرانسيس ملاكم شاب يبدأ مشواره الاحترافى وتسبقه أحلام وطموحات لا أول لها أو آخر .. إنما كان فى التاسعة والعشرين من عمره قضى معظم تلك السنوات فقيرا دون اى رعاية أو راحة أو تدريبات .. وحتى وقت قريب كان يقيم فى الشارع .. وأصيب فى صباه بالعديد من الأمراض .. ورغم ذلك .. وضد أى قواعد وقوانين او حسابات رياضية .. أصبح فرانسيس بطلا منذ اليوم الأول ومنذ المباراة الأولى
وبدأ المشوار الاحترافى لفرانسيس نجانو .. توالت انتصاراته وبطولاته .. وجاءت البطولات بالشهرة .. والكثير جدا من المال .. ويضحك فرانسيس وهو يتذكر كل ما قام به حين بدأ يكسب الكثير من المال .. كان وقتها ينفق المال فى شراء كل وأى شىء .. لم يكن يفكر قبل شراء أى شىء .. المهم ان يشترى وأن يشعر أنه قادر على الحصول على كل ما يتمناه حتى لو لم يكن فى حاجة إليه .. كان ذلك بمثابة انتقام من سنوات الشقاء والبؤس والحرمان الطويل .. لكن ذلك السلوك كان مرحلة سرعان ما انتهت .. وبدأ فرانسيس بعدها يجمع عائلته ويرعاها .. لكن الأجمل والأهم على الإطلاق كان قرار فرانسيس انشاء مؤسسة خاصة لرعاية الأطفال الفقراء فى الكاميرون وتعليمهم وتوفير المسكن والدواء وأماكن إيواء لائقة .. وقال تعليقا على ذلك أن سعادته الآن لم تعد الفوز ببطولات الملاكمة أو الرياضة كلها .. إنما مساعدة كل وأى طفل لتحقيق ما يحلم به .. وألا يمر أى طفل بما مر به فرانسيس فى سنين حياته الأولى .. وألا يشعر بالعجز عن الحلم لأنه لا يملك المال أو الطعام أو الثياب او حتى مكانا ينام فيه .. ولهذا .. أصبح فرانسيس بطلا للعالم بحكاية شديدة الخصوصية .. حكاية تستحق التوقف أمامها طويلا واحترام صاحبها كثيرا