د.ياسر أيوب يكتب : فى حب الإسكندرية وأهلها وألعابها

أى حديث عن كرة القدم فى مصر لابد أن يبدأ وينتهى فى القاهرة .. فهى التى احتكرت اللعبة ببطولاتها وانتصاراتها ولم تسمح إلا على استحياء بالقليل جدا لبقية المدن المصرية .. أما إن كان الحديث عن بقية الألعاب الأخرى .. فلا تستطيع أى مدينة مصرية .. بما فيها القاهرة نفسها .. منافسة أو مجاراة الإسكندرية فى تاريخها وعطائها وبطولاتها وأيضا ميدالياتها الأوليمبية
وإذا كانت القاهرة قد سبقت باقى مدن مصر فتأسس على أرضها نادى الجزيرة كأول ناد رياضى فى مصر .. ولحقه عدد من الأندية الصغيرة المبعثرة فى شوارعها وضواحيها .. فإن الأندية بمعناها الحقيقى وبمختلف أدوارها ووظائفها .. لم تبدأ إلا فى الإسكندرية .. فالإسكندرية التى لم يزد عدد سكانها وقت أن جاءها نابليون غازيا وقائدا لحملة فرنسية على ثمانية آلاف نسمة .. زاد عددهم عام 1840 ليصبح ستين ألف نسمة .. واستقبلت الإسكندرية القرن العشرين .. أى فى عام 1900 .. وقد بدأ عدد أهلها يقترب من ربع المليون .. لتصبح الإسكندرية لأول مرة فى التاريخ الحديث .. ثانية المدن المصرية – بعد القاهرة – من حيث الضخامة والاتساع وعدد السكان والأهمية الاقتصادية والسياسية والعسكرية .. وتصبح الإسكندرية أيضا هى عاصمة الأجانب فى كل مصر .. ربع سكانها من الأجانب .. وإلى حد أن الإسكندرية بدت وقتها وكأنها مدينة أوروبية تأسست على سبيل الخطأ فوق أرض مصرية

ولأن هؤلاء الأجانب لم يمارسوا حياتهم فى الإسكندرية كضيوف أو غرباء .. وإنما استقروا وأقاموا كما لو كانوا يؤسسون لهم على شاطئ بحر الإسكندرية وطنا جديدا ودائما وأبديا .. منهم يونانيون وإيطاليون وفرنسيون وإنجليز .. بنوا المدارس والكنائس .. وافتتحوا الملاهى ومحلات التجارة بمختلف أشكالها ومجالاتها .. ثم بدأ هؤلاء الأجانب أيضا يؤسسون النوادى الخاصة بهم .. فشهدت الإسكندرية سبعة عشر ناديا .. معظمها كان أندية لليونانيين والإيطاليين .. فأسس اليونانيون النادى اليونانى الرياضى .. وميلون للجمباز .. والنادى اليونانى البحرى .. والإبراهيمية .. ونادى اليونان لكرة القدم .. أما الإيطاليون فقد أصبحت لهم أنديتهم الخاصة أيضا بعد ان أسسوا نادى الألعاب الإيطالى بالعطارين .. واتحاد إيطاليا الأهلى .. وريسوتو .. وسافويا .. وروما .. والنادى الإيطالى العسكرى

وإلى جانب الأندية .. كان هناك فى الإسكندرية أيضا أنجيو بولاناكى الذى أسس الاتحاد المختلط كاول مؤسسة رياضية مصرية .. وهو أيضا الذى أسس اللجنة الأوليمبية المصرية حيث كانت الإسكندرية هى المقر الدائم لتلك اللجنة الأوليمبية قبل انتقالها إلى القاهرة .. وكان من المفترض أن تصبح الإسكندرية أيضا هى أول مدينة خارج أوروبا تستضيف دورة أوليمبية لولا الحرب العالمية الأولى .. فكان التكريم للمدينة الجميلة عوضا عن ذلك هو اختيارها لأن تكون اول مدينة فى العالم وفى التاريخ يرتفع فيها العلم الأوليمبى بحلقاته الخمس .. ومن منطقة الشاطبى شاهد العالم لأول مرة هذا العلم الأوليمبى .. وقد كان إبراهيم مصطفى ابن الإسكندرية هو أول مصرى يفوز بميدالية ذهبية أوليمبية وكانت فى المصارعة فى دورة أمستردام الأوليمبية عام 1928 .. ثم توالت الميداليات الأوليمبية لأبناء الإسكندرية الذين فازوا بأكثر من نصف الميداليات الأوليمبية المصرية لدرجة تغيير اسم نادى الموظفين إلى النادى الأوليمبى من كثرة فوز ابناء النادى بميداليات أوليمبية

وإذا كانت القاهرة احتفظت لنفسها بمعظم تاريخ كرة القدم وانتصاراتها وألقابها ولم تترك للإسكندرية إلا بطولة واحدة للدورى العام فاز بها الأوليمبى و11 بطولة كأس مصر للإتحاد السكندرى والأوليمبى وحرس الحدود والترام .. فإن الإسكندرية هى التى استضافت أول بطولة كروية فى مصر عام 2013 .. وهى أيضا التى امتلكت اول ملعب حقيقى لكرة القدم فى مصر هو استاد الإسكندرية .. أما فى الألعاب الأخرى .. فلم تقترب أى مدينة مصرية أخرى من تاريخ ونجاحات الإسكندرية فى السباحة والمصارعة وكرة السلة .. وقد كانت الإسكندرية أيضا هى المدينة التى استضافت أولى دورات البحر المتوسط عام 1953 .. وأول مدينة أيضا تستضيف أولى دورات الألعاب العربية .. ولا تزال الإسكندرية تستحق كل تكريم واحتفاء حين يدور أى حديث عن ألعاب مصر وبطولاتها وميدالياتها