د. ياسر ايوب يكتب: لماذا فشلنا كلنا فى استثمار نجاح رياضى لجامعات مصر

كان من الطبيعى أن تفوز جامعة الإسكندرية بمعظم ميداليات بطولات المصارعة .. فالإسكندرية قدمت لمصر معظم مصارعيها الكبار وآخر ميداليتين أوليمبيتين لمصر فى المصارعة فاز بهما كيشو وقبله كرم جابر من أبناء الإسكندرية .. وكان من الطبيعى أيضا أن تقتسم ثلاث جامعات معظم ميداليات ألعاب القوى هى جامعة جنوب الوادى وجامعة الفيوم وجامعة السادات .. ففى الصعيد وفى المدن على حافة الصحراء والأراضى الفضاء يسهل الجرى ويكتسب الصغار القوة والقدرة .. وأيضا أن تفوز جامعة القاهرة بمعظم ميداليات السباحة وجامعة عين شمس بمعظم ميداليات الجمباز .. وأن تفوز الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا بمعظم ميداليات الخماسى الحديث .. وأن تقتسم الجامعات ميداليات كل الألعاب فى الدورة رقم 49 لبطولة الشهيد الرفاعى للجامعات المصرية
وقد تابعت مسابقات هذه البطولة ونتائجها حيث استضافت كل جامعة مسابقات إحدى ألعاب هذه البطولة أو أكثر من لعبة .. ولست سعيدا بألا تحظى هذه البطولة بما تستحقه ويليق بها من اهتمام إعلامى .. فهى أولا بطولة سنوية تحمل اسم أحد أبطال وشهداء الجيش المصرى ويستحق الكثير من الاعتزاز والاحترام كل ما له علاقة أو يحمل اسم أى من شهدائنا الذين ضحوا بحياتهم من أجل كبرياء وانتصار وطن وسلامة ومستقبل الناس فى هذا الوطن .. وهى ثانيا بطولة كبرى حقيقية تشارك فيها كل جامعات مصر بطالباتها وطلبتها .. أى أننا أمام عدد ضخم من فتيات وشباب يخوضون منافسات رياضية فى كل الألعاب رغم اختلاف مواقعهم الجغرافية داخل مصر واختلاف قدراتهم الاقتصادية .. وكان ذلك كافيا لأن يحرص على متابعة هذه البطولة بمختلف ألعابها سواء الاتحادات الرياضية والأندية والإعلام الرياضى أيضا .. ليس فقط لانتقاء مواهب رياضية شابة وجديدة فى مختلف الألعاب بعيدا عن كرة القدم .. إنما لدراسة التأثير الجغرافى والاقتصادى والاجتماعى على الأداء الرياضى أيضا
وأعرف مبدئيا أن المستوى الرياضى فى هذه البطولة ليس على القدر الدولى أو الأوليمبى سواء فى الأداء أو الأرقام .. لكنه ليس مطلوبا من طالبة أو طالب جامعى مصرى أن يقترب من الأداء القوى أو يقترب من أى أرقام قياسية .. إنما هى مجرد فرصة للانتقاء بعيون خبيرة بكل لعبة ثم رعاية من يتم اختيارهم كقاعدة رياضية مصرية يمكنها تقديم بطلات وأبطال جدد لمصر فى مختلف الألعاب .. لكننا للأسف الشديد أضعنا هذه الفرصة وكلنا فى النهاية اقتسمنا هذا الخطأ .. فالمسئولون فى الاتحاد الرياضى للجامعات الذين قاموا بتنظيم هذه البطولة الضخمة ونجحوا فى ذلك رغم عدد المشاركين وعدد الألعاب .. لم يهتموا بتسويقها إعلاميا وتسهيل الحصول على معلومات كافية ومرتبة عن كل لعبة وكل مسابقة .. نعم كان الاتحاد الرياضى للجامعات يضع كل النتائج على صفحته أولا بأول لكنه كان يضعها حسب الترتيب الزمنى لكل لعبة دون رؤية شاملة تسمح بالمعرفة والتحليل .. والمسئولون فى الاتحادات لم ينتهزوا هذه الفرصة ليرسلوا خبراءهم ومدربيهم لمتابعة مسابقات هذه البطولة ومحاولة اكتشاف بطلات وأبطال جدد .. ومسئولو اللجنة الأوليمبية المصرية لم يستغلوا هذه البطولة لمزيد من فهم التوزيع الجغرافى للرياضة المصرية وما الذى يمكن ان يتألق فيه المصريون فى الصعيد أو الواحات أو الدلتا او السواحل .. لتكون هناك بعد ذلك دراسة رياضية مصرية تستفيد منها الاتحادات والأندية أيضا .. خاصة أن كرة القدم هى اللعبة الوحيدة فى مصر التى يذهب فيها الصغار يطرقون أبواب الأندية ومركز الشباب بينما فى الألعاب الأخرى نادرا ما يجد صاحب الموهبة بابا مفتوحا يمر منه إلى الضوء والنجاح .. وكذلك الإعلام الذى أغفل وأهمل هذه البطولة تماما واكتفى البعض بالحديث عن نجاحات وإنجازات رؤساء الجامعات كأنهم هم الذين فازوا بالميداليات .. وهناك رؤساء جامعات بالفعل يستحقون التحية لاهتمامهم الحقيقى بالرياضة وتوفير فرص ممارستها لطلباتهم وطلبتهم .. لكنه ليس من الصواب اختصار ميداليات كل جامعة فى شخص وصورة رئيسها .. وكان ولا يزال من الضرورى التركيز أكثر على صاحبات وأصحاب الميداليات ومن قاموا أيضا باختيارهم وإعدادهم وتدريبهم
.