د.ياسر أيوب يكتب : السلة المصرية وحكاية رجل إسمه جاك جوهر

ليس من الصعب معرفة أن الاتحاد المصرى لكرة السلة تأسس عام 1930 وأن جاك جوهر كان أول رئيس لهذا الاتحاد .. ولكن الصعب جدا هو معرفة من هو جاك جوهر ومن أين جاء ولماذا أصبح رئيسا لاتحاد السلة المصرى عند تأسيسه ولماذا اختفى بعد ذلك .. وللإجابة على كل هذه الأسئلة .. لابد من الرجوع أولا لقصة حياة الملك فؤاد الأول .. فقد كان فؤاد أحد أولاد الخديوى إسماعيل .. وبعد عزل الخديوى ونفيه إلى إيطاليا .. سافر معه فؤاد الذى كان لا يزال فى الحادية عشرة من عمره .. وأكمل فؤاد دراسته فى المدرسة الملكية فى مدينة تورينو .. ثم التحق بالكلية الحربية وتخرج منها ضابطا فى الجيش الإيطالى .. وبعد انتقال الخديوى إسماعيل إلى اسطنبول قبل أن يرجع فؤاد إلى مصر ليصبح كبيرا للياوران فى عهد الخديوى عباس حلمى الثانى .. وبعد خلع الخديوى عباس جلس حسين كامل على عرش مصر وقد أصبح سلطانا لمصر .. وحين مات حسين كامل رفض ابنه الأمير كمال الدين حسين وراثة العرش ليصبح فؤاد هو السلطان الجديد لمصر عام 1917
وبعد جلوس فؤاد على عرش مصر .. بدأ يستعين بأصدقائه ويفتح لهم أبواب القصر .. وكان جاك جوهر أحد هؤلاء بعدما ارتبط بصداقة عميقة مع فؤاد أثناء إقامته فى إيطاليا .. وكان جاك ضابطا بالجيش الإنجليزى وشارك فى الحرب العالمية الأولى قبل أن يستدعيه السلطان فؤاد للقدوم إلى مصر .. وكان جاك وقتها فى الثلاثين من العمر وأصبح مسئولا عن تنظيم حفلات السلطان المصرى فؤاد الاول الذى سيصبح ملكا لمصر منذ عام 1922 بعد إعلان الإنجليز مصر مملكة مستقلة .. وتزوج جاك جوهر من سيلين التى تنتمى لعائلة عدس المصرية اليهودية الغنية جدا .. وأصبح بالرجل لذلك يملك النفوذ السياسى بحكم صداقته مع الملك والنفوذ الاجتماعى بحكم مصاهرته لواحدة من أغنى عائلات مصر .. لكن ليس هنا تفسير واضح وحقيقى لقرار الملك فؤاد تعيين جاك جوهر مراقبا للنشاط الرياضى فى مصر .
فلم تهتم كتب التاريخ وحكاياته بمبررات ودواعى هذا الاختيار .. ولماذا أصبح جاك جوهر بمثابة المستشار الرياضى للملك فؤاد .. فهل كان الاثنان معا .. فؤاد وجاك جوهر .. يمارسان الرياضة معا أثناء صداقتهما فى إيطاليا .. أم أن فؤاد بعدما رأى نجاج جاك فى تنظيم حفلات القصر أراد منه الإشراف على الرياضة المصرية باعتبار الرياضة وقتها كانت لا تزال نشاطا ترفيهيا لدرجة أن مباريات مختلف الألعاب فى ذلك الوقت كان يطلق عليها لقب حفلات وليست مباريات .. أم أن الملك رأى الصراع على إدارة الرياضة المصرية قد بدأ بالفعل بين الأجانب بقيادة أنجيو بولاناكى واتحادهم الرياضى المختلط .. والإنجليز بإشرافهم وسيطرتهم على الرياضة من خلال الحكومة المصرية .. فأراد فؤاد أن يكون جاك جوهر عينه على ما يجرى وأن يبحث للقصر وللملك عن دور ومكان ومكانة وسط هذا الصراع السياسى
ومثلما لم تذكر كتب التاريخ وحكاياته أسباب ودواعى اختيار الملك لجاك جوهر لمراقبة النشاط الرياضى فى مصر .. لم تذكر أيضا بوضوح ما الذى قام به الرجل بحكم هذا المنصب .. الواضح فقط أن جاك جوهر كان مهتما ومغرما بكرة السلة .. فاللعبة بدأت فى مصر بصراع أمريكى فرنسى .. الأمريكيون يديرون اللعبة فى القاهرة وفقا لقانون اللعبة الأمريكى من خلال الجامعة الأمريكية بالقاهرة التى تأسست عام 1919 .. والفرنسيون يديرون اللعبة فى الإسكندرية وفقا للقانون الفرنسى من خلال مدارس الليسيه هناك .. ولم يكن هناك أى تعاون بين الأمريكيين والفرنسيين بل صراع وسباق للهيمنة والسيطرة .. ونجح جاك جوهر فى حسم هذا الصراع مبدئيا فأسس اتحاد القاهرة لكرة السلة عام 1925 وأصبح رئيسا له .. وبعد خمس سنوات فقط .. نجح جاك فى إبعاد الفرنسيين تماما وتأسيس اتحاد لكل اللعبة فى مصر عام 1930 ليصبح جاك حوهر هو الرئيس الأول لهذا الاتحاد .. وبقى جاك جوهر رئيسا لهذا الاتحاد حتى عام 1935