الجمعة. سبتمبر 19th, 2025
المشرف العام : محمد الدمرداش
رئيسا التحرير : احمد الاحمر , محمد قطب

kasnews – كاس نيوز

ول موقع رياضي للالعاب الفردية و الالعاب الجماعيه و كل ما هو جديد من اخبار الرياضه المحليه و العالميه

د. ياسر أيوب يكتب : ترامب والسياسة والرياضة .. فى زمن كورونا

نحن نفتقد الألعاب مثلما نفتقد كل شىء ونريد استعادة حياتنا التى كانت .. قيلت هذه العبارة مؤخرا على لسان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب .. ولم تكن المرة الأولى التى يتحدث فيها ترامب عن ضرورة عودة الألعاب والمسابقات والبطولات الرياضية .. وخلال الشهرين الماضيين أصبح الرئيس الأمريكى هو أكثر قادة وحكام العالم حديثا عن الرياضة وضرورة استئنافها .. لدرجة أنه تحدث عن ذلك أكثر من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التى أعادت الدورى الكروى الألمانى دون صخب وضجيج .. وأكثر من مون جى إن رئيس كوريا الجنوبية الذى أعاد دورى البيسبول .. وهكذا تحول الإلحاح الرئاسى الأمريكى على عودة الرياضة إلى قضية اختلفت فيها الأراء والتعليقات والتساؤلات أيضا .. فهل يريد ترامب عودة الرياضة لمجرد عشقه لها واقتناعه بأهميتها وضرورتها أم أنه يرى تلك العودة رسالة اطمئنان للشعب الأمريكى وتأكيد على نجاح الإدارة الأمريكية فى مواجهة أزمة وباء كورونا .

وكان أكثر وأغرب تأييد لترامب هو تلك العبارة التى قالها آرى فليشر حين أكد أن الولايات المتحدة بدون رياضة أشبه بقلب لا ينبض .. وبعيدا عن رومانسية التشبيه إلا أنه يحمل قدرا هائلا من المبالغة .. ولم يجلب ذلك التشبيه فقط كثيرا من الانتقادات لفليشر الذى كان السكرتير الصحفى للبيت الأبيض فى عصر الرئيس جورج دبليو بوش .. إنما كانت هناك انتقادات أيضا وكثيرة جدا حين حكى فليشر عن الرئيس بوش بعد أحداث سبتمبر 2001 .. إذ توقفت الرياضة بعد تلك الهجمات التى طالت نيويورك والبنتاجون .. فقرر الرئيس بوش ضرورة أن تعود الرياضة وذهب بنفسه إلى ملعب بيسبول لتكون له الضربة الأولى التى عاد بعدها النشاط الرياضى .. وتسابق كثيرون لتوضيح أن مواجهة الإرهاب تختلف تماما عن مواجهة وباء كورونا .. فبعد هجمات سبتمبر كان من الضرورى أن تعود الرياضة دليلا على عدم الخوف والاستسلام وان الحياة ستستمر وستنتصر على هواة الخوف والدم .. لكن الإصرار على عودة الرياضة فى حالة كورونا قد يكون حماقة إن أدت العودة لمزيد من العدوى ومزيد من الضحايا .. وقال هؤلاء الكثيرون أن السبب الحقيقى لإصرار فليشر على تأييد الرئيس ترامب وعودة سريعة وعاجلة للنشاط الرياضى هو أن الرجل أسس بعد استقالته من وظيفته شركة للاستشارات وتعاقد مع كثير من اللاعبين والمؤسسات الرياضية الأمريكية .. وهو ينظر للأمر من هذا الثقب الضيق غير مبال بالصورة العامة ومخاطر ومخاوف كثيرة قد تصاحب هذه العودة المتعجلة


وفى حقيقة الأمر .. يطرح المشهد السياسى الرياضى الأمريكى قضيتين على قدر كبير من الحساسية والأهمية أيضا .. القضية الأولى هى الاعتماد على الرياضة مقياسا لنجاح الإدارة فى أى من بلدان العالم فى مواجهة كورونا .. والقضية الثانية هى تلك العودة الرياضية ومتطلباتها الآمنة التى قد تختلف من بلد لآخر .. فإذا كان الرئيس ترامب يرى أن عودة النشاط الرياضى دليلا على حسن إدارته لأزمة كورونا .. فهذا خطأ واضح وظاهر وتبسيط ساذج ومخل لقضية أكثر تعقيدامن أن يلعب أو لا يلعب الناس .. وإلا كان من الضرورى المديح والإشادة بإدارة بلدان لم توقف النشاط الرياضى فيها رغم كورونا مثل تركمانستان وبيلا روسيا وطاجيكستان .. والاتهام الصريح بالإخفاق والفشل لبلدان مثل بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا لم تنجح الآن فى إعادة أنشطتها الرياضية .. ومن الواضح أن أحدا فى العالم كله لم يفكر فى الرياضة وعودتها كمقياس لنجاح أى بلد فى مواجهة كورونا إلا ترامب ومن يؤيدونه .. وحتى البلدان التى بدأت بالفعل تعيد الرياضة أو تفكر فى ذلك .. لا ترى فى ذلك نجاحا سياسيا بقدر ما ترى عودة الرياضة رسالة طمآنة تتزامن مع عودة الحياة تدريجيا إلى ما كانت عليه قبل كورونا


أما القضية الثانية .. والخاصة باستئناف النشاط الرياضى .. فالقواعد والمفاهيم والحسابات آيضا نختلف من بلد لأخرى حسب مدى انتشار الوباء وعدد الإصابات والوفيات .. والقدرة على السيطرة عليه واحتوائه .. والوعى المجتمعى العام ومدى الالتزام بسبل الوقاية والاحتياطات اللازمة .. ولا تزال الإدارات الرياضية الأمريكية فى مختلف الألعاب تدرس كل ذلك قبل استئناف النشاط .. وتبقى المشكلة الحقيقية الأمريكية هى استئناف النشاط الرياضى بدون جمهور .. فذلك يعنى حرمان الأندية من إيراد التذاكر ومن معلنين كثيرين ورعاة أيضا يعتمدون فى دعايتهم على الجماهير أكثر من جاذبية المباريات المذاعة تليفزيونيا .. فالامريكيون عموما لا يذهبون إلى ملاعبهم لمجرد الفرجة وإنما تتحول اللقاءات الرياضية إلى مهرجانات احتفالية وحفلات فنية يصعب تصور اللعب بدومها وأمام مدرجات حزينة وخالية من الناس