د. ياسر أيوب يكتب : طوكيو الاوليمبية .. الأولى وليست الأخيرة

لن يكتفى التاريخ الأوليمبى بالإشارة لدورة طوكيو الأخيرة باعتبارها فقط أول دورة أوليمبية يتم تأجيلها لمدة عام بعيدا عن الثلاث دورات التى ألغيت بسبب الحربين العالميتين الأولى والثانية .. وأول دورة أوليمبية أيضا تقام بدون احتفالات وجماهير وصخب وضجيج فى المدرجات نتيجة وباء كورونا .. إنما سيذكر هذا التاريخ أيضا أن دورة طوكيو كانت أول دورة أوليمبية خالية من التلوث حيث اعتمدت على مصادر الطاقة المتجددة المستخرجة من الشمس والرياح والمياة وأيضا الوقود المستخرج من الطحالب .. وأول دورة أوليمبية تسمح بمشاركة المتحولين جنسيا رغم كل الرفض والاحتجاجات وأشهر هؤلاء كان لوريل هوبارد الذى كان لاعبا لرفع الأثقال وأجرى جراحة تحول بعدها إلى انثى شاركت فى طوكيو رغم شكوى اللاعبات من غياب العدالة والنزاهة .. وأول دورة أيضا يتم تصنيع ميدالياتها الأوليمبية من 79 ألف طن من أجهزة الكمبيوتر المستعملة وأجهزة التليفون المحمول القديمة التى تم جمعها من مختلف رجاء اليابان استخدمها جونيتشى كاوانيشى لصنع خمسة آلاف ميدالية أوليمبية .. وأول دورة أوليمبية تشهد غضب اللاعبات واللاعبين واحتجاجهم ليس بشأن أى قضية عالمية وإنسانية إنما كانت قضيتهم هى همومهم وأحزانهم وأجسادهم التى لم تعد تحتمل المزيد من التوتر والضغوط
أيضا كانت دورة طوكيو هى أول دورة أوليمبية فى التاريخ تعتمد بشكل اساسى على التكنولوجيا فى كل شىء بداية من تصميم الملاعب للنقل التليفزيونى وتحليل الأداء الرياضى طبيا وفنيا بشكل مباشر على الشاشة لسيارات بدون سائق ينتقل بها الجميع بين القرية الأوليمبية والملاعب وروبوتات تستقبل الناس وتتعرف على وجوههم وتصافحهم .. فاليابان التى هى دائما رائدة فى مجال العلوم والتكنولوجيا .. أرادت استعراض نجاحاتها فى هذا المجال الأوليمبى ونجحت فى ذلك فقدمت ميرايتوا وسوميتى كتميمتين للدورة الأوليمبية .. أحدهما باللون الأزرق والثانى باللون الوردى .. وبينما تخيل الجميع أنهما مثل أى تميمة أخرى شهدتها الدورات الأوليمبية السابقة أو بطولات كأس العالم لكرة القدم وأى لعبة أخرى .. فكل منهما تحولت إلى روبوت متطور فى وجه كل منهما كاميرا تتعرف على الوجوه وبإمكان كل منهما التفاعل عن طريق ومضة العين أو الإيماءة بالرأس والمصافحة أيضا .. ولم يقتصر استعراض التكنولوجيا اليابانية على ذلك فقط .. إنما كان روبوت بحجم بشرى أصبح باستطاعته تحية اللاعبات واللاعبين ويمكنه إجراء محادثة مع الناس والقيام بكثير من الأمور عن طريق التحكم البشرى من بعيد .. وشهدت دورة طوكيو أيضا أكبر تجربة فى التاريخ لتشغيل السيارات ذاتية القيادة اى بدون سائق .. سيارات تم استخدامها فى التنقل بين أماكن الإقامة فى القرية الأوليمبية والصالات والملاعب سواء للتدريب أو اللعب .. وتتسع كل سيارة لعشرين فردا وتتبع مسارات محددة مسبقا .. وعن طريق التكنولوجيا اليابانية المتطورة .. يتم التحكم فى هذا الأسطول وتحديد سير السيارات الكثيرة التى بدون سائق .. فإن كانت هناك إحدى المحطات زاد فيها عدد المنتظرين يتم تلقائيا تحوبل مزيد من السيارات لها حتى لا يطول الانتظار .. وإن شهد أحد الطرق ازدحاما غير متوقع يتم تحويل السيارات تلقائيا إلى طرق أخرى حتى لا يتأخر أى لاعب أو مدرب عن مواعيد المباريات أو التدريب .. وعند حدوث أى عطل مفاجىء لأى سيارة من هذا الأسطول .. تعود السيارة تلقائيا للجراج وبسرعة يتم إرسال سيارة بدلا منها
وعرف العالم لأول مرة أيضا فى طوكيو تكنولوجيا التتبع ثلاثى الأبعاد التى تتيح للمشاهدين متابعة اللاعبات واللاعبين أثناء سباقات العدو على سبيل المثال .. متابعة دقيقة للتغييرات التى تحدث فى الجسم والقلب أثناء الجرى وعند الوصول للسرعة القصوى مع رموز ملونة تشير لمختلف سرعات كل لاعبة أو لاعب أثناء السباق .. وشهدت دورة طوكيو أيضا تكنولوجيا أخرى تم تطبيقها فى ألعاب مثل القوس والسهم .. فحين يقف الرماة بلا أى حراس أثناء سحب الأقواس .. لا يرى المشاهدون أى شىء مختلف .. لكن التكنولوجيا الجديدة باتت تسمح لهم بمتابعة ما يجرى داخل أجسام الرماة أثناء تلك اللحظات .. معدل ضربات القلب وتركيز الأدرينالين فى الدم مع أى تغيير يحدث فى الجلد تفاعلا مع تغيير حركة الدورة الدموية
وقامت اليابان أيضا .. بابتكار نظام التوجيه التلقائى لمساعدة الرياضيين والناس على تفادى الأماكن المزدحمة .. وهو تطبيق يتم تحميله على هواتف الجميع ويجرى تحديثه كل ثلاثين دقيقة وبمساعدته يستطيع أى احد أن يعرف شكل الطرق ومدى ازدحامها فبختار أفضلها ويذهب فى الموعد المناسب .. كما يقوم هذا التطبيق أيضا بإرسل رسائل للاعبين لتنبيههم قبل مواعيد مبارياتهم وكيف ينتقلون للملاعب .. فالتطبيق تم تزويده بمواعيد كل المسابقات وأسماء وأرقام اللاعبات واللاعبين .. كما اعتمدت دورة طوكيو أيضا على التكنولوجيا لتقديم تطبيق جديد يقوم بالترجمة الفورية السريعة لأكثر من 31 لغة مختلفة إلى جانب 16 لغة منطوقة .. وذلك حتى لا يجد اللاعبون والمدربون المشاركون فى الدورة أى مشكلة فى متابعة ما يحدث حولهم او ما يقال لهم أو لمواصلة حواراتهم مع الأخرين من مختلف البلدان