د. ياسر أيوب يكتب : مصر والبنك الأهلى فى طوكيو

لم ينتبه أو يهتم ويتوقف كثيرون أمام عبارة تكررت على لسان معظم لاعبات ولاعبى مصر فى لحظات الانتصار أو الفوز ببطولة أو عند التأهل لدورة طوكيو الأوليمبية المقبلة .. ففى تلك اللحظات وجه هؤلاء اللاعبون رسائل الشكر والامتنان لوزارة الرياضة واللجنة الأوليمبية واتحاداتهم .. وأيضا للبنك الأهلى المصرى الذى يقوم برعايتهم ويلتزم بكثير من نفقات إعدادهم ومعسكراتهم داخل مصر وخارجها .. وقبل التوقف أمام معنى وقيمة ما يقوم به البنك الأهلى حاليا فى مصر .. لابد من التوقف أولا أمام الصين التى فازت فى دورة لوس أنجلوس عام 1984 بأول ميدالية أوليمبية فى تاريخها .. وكانت هذه الميدالية مجرد بداية الالتفات الصينى للرياضة .. واستغرق الامر أربعة وعشرين عاما قامت خلالها اللجنة الأوليمبية الصينية واتحاداتها الرياضية بتطوير برامجها وخططها بدعم الحكومة ومساندتها .. وأيضا بنك الصين الذى أعلن رعايته لبطلات وأبطال الصين الأوليمبيين حتى جاءت دورة بكين عم 2008 لتفوز الصين بمائة ميدالية أوليمبية .. واستمر الدعم الحكومى ورعاية بنك الصين حتى أصبحت الصين الآن هى القوة الرياضية السابعة فى العالم .. ولم يكن ما قام به بنك الصين استثنئيا سواء فى عالم البنوك أو عالم الرياضة ورعايتها .. ففى الولايات المتحدة تنفق البنوك الأمريكية على الرعاية الرياضية أكثر من ستين بالمائة من أموالها المخصصة للرعاية بكل مجالاتها .. وفى بريطانيا يعرف جماهير ليفربول أن أموال بنك ستاندرد شاترد راعى الفريق منذ عام 2009 هى التى أسهمت فى معظم صفقات النادى العريق ومنها صفقة محمد صلاح نجم مصر الكبير
وفى كل بلدان العالم .. ترعى البنوك الرياضة وتنفق الكثير على مؤسساتها ونجومها وبطولاتها .. ولم يكن ذلك مجرد مصادفة .. فكما قال جون ماثيز خبير التسويق الأمريكى .. تبقى الرياضة هى الوسيلة الأقرب لكسب اهتمام الناس وثقتهم واحترامهم .. وإذا كان جون ماثيز وكثيرون مثله من خبراء التسويق قد قالوا ذلك مؤخرا .. فإن الإنجليز أدركوا وعاشوا هذا الواقع منذ قرابة المائة عام حين قرر بنك إنجلترا برعاية نادى أرسنال الذى استفاد من أموال الرعاية وأصبح أقوى وأشهر ومن أهم أندية إنجلترا .. وفى المقابل استفاد البنك من رعايته ونال دعاية ووجاهة اقتصادية وإعلامية وكروية والأهم كانت زيادة رباح البنك بهذه الرعاية التى ثبت أنها أكثر جدوى من أى إعلانات تجارية مباشرة .. وكانت رعاية بنك إنجلترا لنادى أرسنال هى أول خطوة حقيقية بهذا الحجم فى هذا المجال مثلما كانت رعاية بنك الصين للأبطال الأوليمبيين فى الصين هى أكبر رعاية اوليمبية يقوم بها بنك فى التاريخ الرياضى .. وما بين الرعاية الكروية الأولى والرعاية الأوليمبية الأكبر .. تعددت واختلفت سبل وأشكال رعاية البنوك للرياضة .. فهناك بنوك أطلقت اسماءها على الملاعب فى الولايات لمتحدة ثم أوروبا .. وبنوك بدأت ولا تزال ترعى فرقا فى مختلف الألعاب .. وبنوك ترعى بطولات وسباقات .. وهناك أيضا بنوك تنزل بنفسها إلى الملاعب مثل بنك كى سى بى فى كينيا الذى أسس عام 1994 فريقا يحمل اسمه ويلعب حاليا فى الدورى الممتاز هناك
ومن المؤكد أن البنك الأهلى فى مصر يقوم بكل هذه الأدوار معا .. سواء كانت رعاية أو دعم أوليمبى أو امتلاك نادى يحمل اسمه ويواجه الآخرين فى الملاعب .. ولأن كرة القدم عادة تستأثر بكل الأضواء والاهتمام .. فقد أصبح الجميع يعرفون فريق البنك الأهلى لكرة القدم دون أن ينتبهوا لكل تلك الألعاب الأخرى التى يقوم البنك الأهلى برعاية بطلاتها وأبطالها .. وكيف كان هذا البنك شريكا أساسيا وحقيقيا فى كثير من انتصاراتنا الرياضية فى الفترة الأخيرة وفى تأهل معظم لاعباتنا ولاعبينا لدورة طوكيو الأوليمبية المقبلة .. فالاتحادات الرياضية لم تعد قادرة على توفير الدعم المالى الكافى لصنع أبطال أوليمبيين وتأهيلهم للمنافسة والمشاركة اللائقة .. وهنا كان دور البنك الأهلى فى السنوات القليلة الماضية الذى قام به بمنطق الانتماء الوطنى والواجب الاجتماعى المفروض على كل وأى مؤسسة اقتصادية كبرى وناجحة .. وحتى الآن .. وقبل قرابة خمسين يوما على انطلاق دورة طوكيو .. لا يزال بنكان فقط فى العالم يقومان بالرعاية الأوليمبية الكاملة فى بلديهما .. البنك الأهلى فى مصر .. وبنك ستارلينج فى بريطانيا .. وقررت اللجنة الأوليمبية البريطانية إطلاق لقب بنك إنجلترا الأوليمبى وألقاب أخرى كثيرة تكريما لبنك ستارلينج .. ورغم ذلك ووفقا لمستويات الإنفاق وتكاليف الإعداد يبقى دعم البنك الأهلى لبطلات وأبطال مصر أكبر من دعم ستارلينح لبطلات وأبطال بريطانيا
ومن المؤكد ن إدارة البنك الأهلى وهى تقوم بذلك .. تستند إلى تاريخ رياضى طويل حافل بالعطاء والابتكار والنجاحات أيضا .. فالبنك أسس ناديين لموظفيه منذ عام 1951 أحدهما فى القاهرة والثانى فى الإسكندرية .. على أن يتحمل البنك أيضا نفقات التحاق موظفيه بأندية أخرى خارج القاهرة والإسكندرية .. وكان ذلك اقتناعا بالرياضة وإدراكا لأهميتها وبات هذا الإدراك أحد الملامح الرئيسة والجميلة والدائمة للبنك الأهلى عبر كل تاريخه .. والأجمل من ذلك كله .. والذى بالفعل يستحق التحية والاحترام هو أن البنك الأهلى يملك بالفعل فرقه وبطلاته وأبطاله فى مختلف الألعاب .. ولم يمنعه ذلك من دعم الآخرين ومواصلة مساندتهم ورعايتهم ليحققوا انتصاراتهم أو للتأهل لطوكيو .. ولم يكن ليجروء أحد أن يلوم البنك الأهلى لو قرر أن تقتصر رعايته على لاعباته ولاعبيه فقط .. لكن إدارة البنك كان لديها هدف أسمى وأجمل من أى مصالح خاصة ومباشرة .. كان لهدف هو مصر ورياضة مصر وبطلات وأبطال مصر .. سلوك رائع وراق نادرا ما نراه سواء فى مصر أو حتى فى العالم كله