د . ياسر أيوب يكتب : نجاح المصريات فى اللعب والتدريب أيضا

ياسر أيوب
فى المعرض الدولى للكتاب الذى استضافته ونظمته القاهرة مؤخرا .. كانت هناك رواية للأديبة الكبيرة سلوى بكر عنوانها فيلة سوداء بأحذية بيضاء .. وبطلة الرواية هى عفت زين طالبة التربية الرياضية التى تعيش فى حى الزيتون بالقاهرة وتحلم بأن تصبح مدربة جمباز ناجحة ومشهورة .. وتستعرض الأديبة سلوى بكر كل التحديات والأزمات التى واجهتها فتاة مصرية فى السبعينات وأجهضت حلمها بأن تكون مدربة .. فمجتمع مصر السبعينات لم يكن يقبل فكرة الفتاة او المرأة التى تمتهن أو تحترف التدريب .. ويكفى فقط أنه مسموح لها باللعب وليس أكثر من ذلك .. بل إن مصر لم تكن تسمح حتى 1972 بمشاركة أى لاعبة مصرية فى دورة أوليمبية
وبقى هذا المجتمع عاما بعد عام تتغير رؤيته للمرأة والتدريب الرياضى وانتظر أعواما كثيرة حتى بدأ يقتنع ويسمح ويعترف أخيرا بحق المرأة فى التدريب .. وبعد عفت زين بطلة الرواية التى لم يسمح لها المجتمع منذ خمسين عاما بأن تكون مدربة جمباز أو مدربة فى أى لعبة أخرى .. كانت جيهان وحيد فرج التى اختارها اتحاد الكاراتيه فى 2022 لتختار وتنتقى الموهوبين الجدد كأول إمرأة فى تاريخ الكاراتيه المصرى تقوم بهذه المهمة .. فقد كانت جيهان لاعبة كاراتيه ولعبت لمنتخب مصر ونالت الحزام الأسود 6 دان .. وبدأت التدريب مع منتخب السويس قبل اختيارها كخبيرة هى التى تختار الموهوبين وتقدمهم للمدربين الرجال
ومن عفت إلى جيهان .. بات من حق أى فتاة أو إمرأة مصرية أن تلعب .. وان تقوم بالتدريب أيضا .. وكانت البداية هى اللياقة البدنية وتدريباتها .. أول مجال اقتحمته المصريات فى مجال التدريب وأصبحت هناك أسماء شهيرة فى هذا المجال لها قيمتها ونجاحاتها .. أمينة نجيب وهبة الأعصر وأسماء الزهيرى ومها صفوت ونيرفانا زاهر وشيرين الباز ومى ضو وروانة بدر وسارة طه وسالى سلامة وكثيرات غيرهن .. وكان ذلك متوقعا وطبيعيا حيث التدريب فى البداية لسيدات يردن الاحتفاظ بلياقتهن .. وكان طبيعيا أيضا أن تكون الخطوة التالية هو ممارسة الفتاة والمرأة للتدريب فى ألعاب النساء كالسباحة التوقيعية والجمباز الإيقاعى .. فأصبحت لمياء مختار مدربة منتخب مصر للسباحة التوقيعية وقادت المنتخب للدورات الأوليمبية .. وكثرت مدربات الجمباز الإيقاعى مثل سارة إسماعيل وسلمى السعيد وميار رجب وكثيرات غيرهن فى منتخب مصر ومختلف الأندية .. لكن تبقى سما فادى صاحبة حكاية استثنائية لأنها مارست تدريب الجمباز فى سوهاج الصعيد حيث باتت أصغر مدربة جمباز فى كل الصعيد
وكانت هبة على صاحبة واحدة من أجمل وأهم حكايات المصريات والتدريب الرياضى .. فقد أصبحت هبة أول رياضية مصرية تقوم بتدريب منتخب أجنبى حين أصبحت فى 2018 مدربة المنتخب الاسترالى النسائى الأول لكرة اليد .. واعترفت لاعبات استراليا بعد عدة مباريات بأن المدربة المصرية نجحت فى تغيير المنتخب الاسترالى الذى كان لسنين طويلة من أضعف منتخبات آسيا .. ونجحت هبة فى أن تعيد لكل لاعبة فى المنتخب من جديد ثقتها فى نفسها ومنتخبها وزميلاتها وحلم الانتصار وروح التحدى وأنه ليس هناك ما يمنع أن يصبح منتخبهن أحد أفضل وأقوى منتخبات آسيا
ورغم أهمية وقيمة حكاية هبة على .. تبقى حكاية نادية عبد الحميد أكثر خصوصية واستثناء .. فتاة مصرية صغيرة قررت أن تهجر كرة السلة لممارسة الملاكمة .. ورفضت أسرتها هذا القرار فالاعتقاد العام فى مصر أن الملاكمة لعبة عنيفة لا تصلح للفتيات أو النساء .. كما خافت الأسرة أيضا على ابنتهم من اللكمات وما قد تسببه من تشوية وأضرار وأذى سواء فى الوجه أو الجسد .. ولم تتقبل الفتاة رفض أسرتها ولم تستسلم لضغوطهم ونجحت خيرا فى إقناعهم بالسماح لها بممارسة الملاكمة .. وأصبحت بعد قليل بطلة مصر وظلت تحتفظ بهذا اللقب ست سنوات متتالية .. وبعد فوزها بالمركز الخامس فى بطولة العالم .. ورغم أنها كانت لا تزال فى التاسعة عشرة من عمرها .. قررت نادية اعتزال اللعب وليس اعتزال الملاكمة .. وكان قرارها الثانى أصعب من الأول .. فكثيرون لم يقبلوا أولا أن تمارس نادية الملاكمة .. لكنهم سخروا منها حين قررت ممارسة تدريب الملاكمة .. فقد أرادت نادية إكمال مشوار كان هدفه منذ بدايته هو أن تخوض حربا بعد حرب لتفتح بإصرارها وإرادتها ومعاناتها أبوابا كانت مغلقة دائما فى وجه كل فتاة وإمرأة .. فبعد أن فتحت الباب أمام كل وأى فتاة تريد ممارسة الملاكمة كلعبة .. باتت تريد أيضا إثبات أن المرأة تستطيع تدريب الرجال وقيادتهم وإعدادهم فى لعبة لم تكن حتى وقت قريب تعترف بالنساء .. وبدأت نادية مشوارها الجديد كمدربة مساعدة للمدرب الكوبى لمنتخب مصر وقتها .. وحين اعترف بها الاتحاد المصرى للملاكمة كمدربة وأسند لها مهمة تدريب منتخب مصر للشباب .. قادت نادية لاعبيها لميدالية برونزية فى دورة بوينس آيريس الأوليمبية للشباب وميداليتين برونزيتين لمصر فى بطولة العالم للشباب .. وبالفعل .. فتحت نادية كثيرا من الأبواب المغلقة .. فاقتدت بها صباح صقر التى أصبحت مدربة ملاكمة للرجال لكن ليس فى القاهرة ولكن فى بنى سويف
وتوالت القصص والحكايات .. فأصبحت فايزة حيدر إبنة حلوان أول إمرأة مصرية تصبح مدربة لفريق كرة قدم للرجال .. وأصبحت بسنت عادل أول مدربة مصرية للغوص فى الأعماق بعدما كانت صاحبة أعلى رقم قياسى مصرى وعربى فى الغوص الحر لمسافة 45 مترا .. مثلما أصبحت فيروز سيد أحمد أصغر مدربة غوص فى مصر وهى لم تتجاوز بعد الثامنة عشر من عمرها .. وآخريات كثيرات نجحن فى إثبات القدرة على التدريب والنجاح فى قيادة اى فريق فى أى لعبة سواء للنساء أو للرجال أيضا