الجمعة. سبتمبر 19th, 2025
المشرف العام : محمد الدمرداش
رئيسا التحرير : احمد الاحمر , محمد قطب

kasnews – كاس نيوز

ول موقع رياضي للالعاب الفردية و الالعاب الجماعيه و كل ما هو جديد من اخبار الرياضه المحليه و العالميه

د. ياسر أيوب يكتب : ألعاب القوى .. والحقوق التى لا تضيع هناك

ربما كان هذا هو أحد أهم الفوارق بيننا وبينهم .. فالقضايا عندنا تبدأ ساخنة مثيرة زاعقة يهتم بها الجميع ويفتشون طول الوقت عن أخبارها وحكاياتها وأسرارها .. بينما تبدأ قضاياهم هناك بشكل عادى دون صخب وشوشرة رغم اهتمامهم الحقيقى بالعدالة والبحث عن الحقائق .. وبعد قليل من الوقت تموت عندنا القضايا وتفقد اهتمام الجميع بها نتيجة انشغالهم بقضايا أو فضائح أخرى جديدة .. بينما يواصلون هم هناك تحقيقاتهم ومحاكماتهم حتى يسترد أى أحد حقوقه وتسود العدالة على الجميع


ولمن لا يصدق ذلك عليه أن يرجع إلى الوراء بضعة أشهر فقط حين بدأت وتكشفت قضية أو فضيحة لعبة رفع الأثقال فى مصر والمنشطات وقرار الاتحاد الدولى للعبة بإيقاف عدد من لاعباتها ولاعبيها وحرمان مصر ثلاث سنوات من مشاركة لاعباتها ولاعبيها لرفع الأثقال فى الدورة الاوليمبية وبطولات العالم .. وحين انفجرت هذه الحكاية وصدرت العقوبات الدولية وحيثياتها .. كان صراخنا عاليا وحديثنا صاخبا واهتمامنا زاعقا وساحقا وغاضبا .. وبعيدا عن قرارات قليلة شكلية لمجرد حفظ ماء الوجه .. لم تكن هناك أى تحقيقات جادة ومحاكمة حقيقية لمن قام بتوريط مصر فى هذا المستنقع .. ونسينا كلنا بعد ذلك القضية والحكاية كلها كأننا لم نصرخ يوما ولم نغضب ونثور ونطالب بالمحاكمة وعقاب أى فاسد أو متورط فى الإساءة لسمعة مصر الرياضية


وهكذا .. أصبح بإمكاننا الآن المقارنة بين سلوكنا الجماعى بشأن قضية رفع الأثقال وفسادها فى بلادنا .. وقضية فساد فى الاتحاد الدولى لألعاب القوى .. ففى يوم الإثنين الماضى .. بدأ القضاء الفرنسى أولى جلساته لمحاكمة السنغالى لامين دياك الرئييس السابق للاتحاد الدولى لألعاب القوى .. ولا تعنينى حاليا تفاصيل قضية فساد لامين دياك والاتحاد الدولى لألعاب القوى .. إنما أود التوقف بشكل واضح أمام تفاصيل وجوانب أخرى ليست أقل فى أهميتها بالنسبة لنا على الأقل .. فحكاية الاتحاد الدولى لألعاب القوى بدأت فى شهر نوفمبر عام 2015 حين تم اكتشاف أن لامين دياك .. رئيس الاتحاد الدولى وقتها .. تلقى رشوة بملايين الدولارات للتستر على فضائح المنشطات الروسية .. الحكاية بدأت باتهام صريح ومباشر وجهته النيابة الفرنسبة إلى لامين دياك مؤكدة أن لديها أوراقا وأدلة تمنحها توجيه هذا الاتهام لأحد كبار مسئولى الرياضة فى العالم .. وقتها قال متحدث بإسم النيابة الفرنسية أن لامين دياك تلقى قرابة الأربعة ملايين دولار لتبرئة أسماء رياضيين كان قد تم إيقافهم نتيجة ثبوت تعاطيهم للمنشطات .. كما تلقى أيضا من روسيا مليونا ونصف المليون دولار لاستخدامها فى الانتخابات الرئاسية السنغالية 2012
وقتها كان لامين دياك يشغل منصب رئيس الاتحاد الدولى لألعاب القوى منذ عام 1999 .. إلى جانب عضويته باللجنة الأوليمبية الدولية ونفوذ سياسى ورياضى هائل فى السنغال التى هى وطنه الأم


ولأن ألعاب القوى هى الرياضة الأوليمبية الأهم والأكبر والأغنى .. فقد كان مجرد توجيه هذا الاتهام حدثا ضخما وهائلا سواء رياضيا أو إعلاميا .. وبالفعل تحول اتهام لامين دياك بالفساد والرشوة إلى خبر وحكاية فى كل بلدان العالم .. وكما هى عادة الناس فى كل المجتمعات .. لم يطل اهتمام الناس كثيرا حيث انشغلوا بعد قليل بحكايات وقضايا أخرى .. لكن نيابة باريس لم تنس ولم تنشغل .. وبقى البحث دائرا عن مزيد من الأدلة وبقى التحقيق قائما لسماع أقوال الجميع والتأكد من رواياتهم .. حتى اكتمل الملف فى النهاية وبات صالحا لتقديمه للقضاء
وفى يوم الإثنين الماضى .. وفى الساعة التاسعة والنصف صباحا .. دخل لامين دياك قاعة المحكمة لتبدأ أولى جلسات محاكمته متهما بالفساد بكل أنواعه .. وخيانة الأمانة .. وتشكيل عصاية منظمة للتحايل على القانون .. لم يقل أحد أن الاتهام قديم انتهى وقته وأن هناك قضايا أخرى أكبر وأحق بالاهتمام والمتابعة والتحقيق .. لم يقل أحد أنه من الظلم محاكمة رجل بلغ السابعة والثمانين من العمر وترك رئاسة الاتحاد الدولى منذ خمس سنوات وتقاعد وابتعد عن الرياضة كلها .. لم يقل أحد أن لامين دياك طور ألعاب القوى ومسابقاتها وضاعف إيراداتها وأرباحها وأعاد تنظيم بطولاتها بما يليق بأم الألعاب والرياضة الأوليمبية الأولى .. فالقانون فوق الجميع .. والقضايا لا تسقط بالتقادم .. وسواء بقى الناس يهتمون أو لا يهتمون .. وسواء بقى الإعلام يتابع أو انشغل بقضايا أخرى .. فالحقوق هناك تجد دائما من يحارب من أجلها .. والآن تستطيع أن تقارن من جديد بين هنا .. وهناك