أمام أبواب طوكيو (1) يكتبها د. ياسر أيوب .. إيهاب عبد الرحمن .. الألم والأمل

فى العالم كله ومصر أيضا كجزء من هذا العالم .. لا يشارك فى الدورات الأوليمبية من يستطيعون فقط الفوز بميداليات .. ففى كل لعبة أوليمبية هناك عشرات اللاعبات واللاعبين وثلاث ميداليات فقط وأحيانا أربعة .. ومقابل قليلين جدا يعودون بميدالياتهم من كل دورة أوليمبية .. يعود كثيرون إلى بلادهم وليسوا جميعهم خاسرين فيبقى منهم من يستحق التحية والاحترام خاصة أولئك الذين كانت بطولتهم الحقيقية هى مشاركتهم وإصرارهم ومحاولاتهم وعنادهم وطموحهم رغم كل ما مروا به من أزمات وجروح وهموم ومعاناة
وبالتأكيد يبقى إيهاب عبد الرحمن أحد هؤلاء الذين يستحقون التحية والاحترام حتى قبل السفر إلى طوكيو وقبل أن يلعب هناك أيضا .. وسواء فاز إيهاب يميدالية أو لم يفز .. سيبقى إيهاب صاحب حكاية استثنائية لها الكثير من المعانى .. ففى عام 2016 اقترب إيهاب عيد الرحمن من تحقيق أكبر أحلامه والفوز بميدالية أوليمبية فى لعبة رمى الرمح .. بعدما أصبح وقتها بطل العرب وأفريقيا وألعاب البحر المتوسط والثانى على العالم ولم تعد الميدالية الأوليمبية مستحيلة أو حتى بعيدة .. وفجأة يتم اتهام إيهاب بتعاطى المنشطات ليخسر كل شىء حيث كان ضحية لكثيرين أجبروه على سداد ثمن خطايا لم يرتكبها ليتم إيقافه محليا وعالميا .. ولم يعد هناك من يتوقع أو ينتظر أى مستقبل لبطل مصرى عالمى سيبتعد مضطرا عن لعبته لسنوات .. ولم يبق أيضا من يهتم به أو يتابع أخباره .. وفجاة .. تعلن اللجنة الأوليمبية المصرية فى شهر ديسمبر 2019 تسلمها خطابا رسميا من المنظمة الدولية لمكافحة المنشطات يفيد انتهاء إيقاف إيهاب عبد الرحمن فى يناير 2020 وإمكان مشاركته من جديد فى أى بطولات محلية ودولية وأوليمبية أيضا
وعاد إيهاب عام 2020 للملاعب ليفوز بعد عام واحد بميدالية الذهب لرمى الرمح فى البطولة العربية التى استضافتها تونس فى شهر يونيو 2021 وكانت البديل للبطولة الأفريقية التى تم الغاؤها بسبب الخوف من كورونا .. وعاد إيهاب بميداليته من تونس ليشارك فى القاهرة فى الملتقى الأخير لألعاب القوى فى المركز الأوليمبى بالمعادى ويحقق رقما رسميا يمنحه حق المشاركة فى دورة طوكيو الأوليمبية المقبلة وفقا لنظام التصفيات التراكمية التى يعتمدها الاتحاد الدولى لألعاب القوى .. وما بين دورة ريو دى جانيرو الماضية التى لم يشارك فيها إيهاب الموقوف .. ودورة طوكيو المقبلة التى سيشارك فيها إيهاب الحالم والعنيد .. هناك حكاية تستحق التوقف أمامها وامام كل تفاصيلها ومعانيها .. حكاية بطل رياضى يخسر فجأة كل أحلامه ونجاحاته ويبقى قادرا على أن يبدأ ويحلم ويحاول من جديد .. تلاحقه اتهامات وتطارده شكوك ويبقى واقفا على قدميه دون خوف ويأس واحباط
فقد فوجىء الجميع بالقرار الدولى بإيقاف إيهاب وأسقطوه من حساباتهم .. لكن المفاجاة الأكبر كانت الاكتشاف المتأخر بأن إيهاب طيلة سنوات إيقافه .. لم يفقد الأمل فى عودته للملاعب والمنافسة من جديد .. وبقى طيلة تلك السنوات يواصل التدريب بجدية وانتظام واقتناع عميق بعودته .. ومع التدريب اليومى المستمر حفاظا على لياقته وقدرته .. واصل إيهاب حواره مع المنظمة الدولية لمكافحة المنشطات والتماس رفع الإيقاف .. وواصل أيضا دراسته لينال شهادة الماجستير ويقترب من نيل شهادة الدكتوراة فى ألعاب القوى .. وفور إعلان قرار عودته للملاعب من جديد .. أعلن إيهاب استعداده التام لخوض أى منافسات إقليمية وعالمية لينال فرصة المشاركة فى دورة طوكيو الأوليمبية المقبلة .. قال إيهاب ذلك فى يناير عام 2020 كأنه كان واثقا من قدرته على التأهل لتلك الدورة فى يونيو 2021 .. وفى بداية عودته للملاعب من جديد .. قدم إيهاب الشكر لعائلته التى وقفت بجانبه خلال سنوات محنته القاسية وساندته ولكل من لم يفقدوا ثقتهم فيه واقتناعهم بأنه كان ضحية لآخرين أهدروا دم بطل مصرى وسرقوا منه كل حقوقه وأجمل أحلامه .. وبعدها وبمساندة اللجنة الأوليمبية المصرية واتحاد ألعاب القوى ورعاية شركة روابط .. بدأ إيهاب مشوار العودة للبطولات والانتصارات الذى أوصله منذ أيام إلى أبواب طوكيو .. وإذا كان إيهاب قد أكد اكثر من مرة أنه لا ينوى السفر إلى طوكيو كضيف شرف .. إنما يحلم ويريد المنافسة على ميدالية أوليمبية لمصر تكون الأولى فى رمى الرمح وقد تكون الأولى فى كل ألعاب القوى أيضا .. لكننى أؤكد له فى المقابل أن تجربته وانتصاره على كل ظروفه ومعاناته تستحق الاحترام حتى إن لم تأت تلك الميدالية الأوليمبية