د. ياسر أيوب يكتب : أليس ميليات التى لا يعرفها أحد
أليس ميليات .. إمرأة قد يعرفها بعض الأوربيين ويتذكرونها بين وقت وآخر .. لكن لا أحد يعرفها فى مصر والبلدان العربية رغم كل ما قدمته للرياضة فى العالم كله ورغم كل الحروب التى خاضتها من أجل أن تنال كل فتاة وإمرأة حق اللعب والمشاركة فى الدورات الأوليمبية .. ولأنه ليس مجرد كلام مرسل .. فلابد من إطالة التوقف أمام حياة هذه المرأة وقضاياها وحروبها وانتصاراتها أيضا .. فقد ولدت أليس فى مدينة نانت الفرنسية عام 1884 .. ومنذ طفولتها أحبت أليس الرياضة ومارست التجديف والسباحة والهوكى وكرة القدم أيضا .. ويسهل قول ذلك اليوم على أى فتاة تمارس كل هذه الألعاب لكننى أتحدث عن أليس فى ذلك الزمن البعيد حين كانت الفتيات حتى فى أوروبا ممنوعات من اللعب .. وبات من الواضح أن أليس لا تكتفى بمتعة اللعب لنفسها إنما تريد إزالة كل القيود لتلعب كل وأى فتاة آخرى .. وواحدة من أولى حروبها كانت مقاومة رفض الرجال لأن تلعب الفتيات كرة القدم .. وتحدتهم أليس فكونت فريقا فرنسيا سافرت به عام 1920 إلى إنجلترا التى طافت بها لأداء أكثر من مباراة فأصبح العالم يعتبر تلك الرحلة أول دورة دولية للكرة النسائية .. وهذا مجرد مثال لكثير من الحروب التى خاضتها أليس .. لكن تبقى أكبر وأهم حروبها حين قررت أن تتحدى كلا من اللجنة الأوليمبية الدولية والاتحاد الدولى لألعاب القوى .. فحين بدأت الألعاب الأوليمبية عام 1896 .. لم تشارك أى إمرأة فى الدورة الأولى حيث كان البارون دى كوبرتان يرى أنه من الخطأ السماح للمرأة بممارسة الرياضة لأنه أمر غير عملى وغير جذاب وغير جميل أيضا .. وأمام بعض الضغوط .. وافق كوبرتان على استحياء بمشاركة النساء فى الدورة الثانية وتم السماح للنساء بالمشاركة فى التنس والجولف فى الدورة الثانية .. وبدأت النساء مزيدا من التحدى .. وفى مقدمتهن أليس ميليات التى حاولت إقناع اللجنة الأوليمبية الدولية بالسماح للنساء بالمشاركة فى مسابقات ألعاب القوى فى دورة أنتيويرب 1920 .. وحين رفضت اللجنة الأوليمبية الدولية .. نظمت أليس دورة رياضية للنساء فقط عام 1921 فى مونت كارلو .. وكررتها فى عامى 1922 و1923 .. كما أسست أليس أيضا عام 1921 الاتحاد الدولى لرياضة النساء لتنظيم بطولات رياضية دولية للنساء وللضغط المستمر على اللجنة الأوليمبية الدولية .. وعن طريق هذا الاتحاد وبعد اقناع نساء كثيرات .. نجحت أليس فى تنظيم أول دورة أوليمبية نسائية فى باريس عام 1922 شاركت فيها 77 لاعبة من خمسة بلدان .. وقررت أليس الاستمرار فى تنظيم تلك الدورة الأوليمبية النسائية كل أربع سنوات رغم احتجاج اللجنة الأوليمبية واعتراضها على استخدام كلمة أوليمبية .. وأقيمت الدورة الأوليمبية النسائية الثانية عام 1926 فى مدينة جوتينبرج فى السويد بمشاركة 100 لاعبة من تسع بلدان .. ونجحت أليس بعدها فى إجبار اللجنة الأوليمبية على السماح بخمسة ألعاب جديدة ستشارك فيها النساء فى دورة أمستردام عام 1928 .. ولذلك وافقت على عدم استخدام كلمة أوليمبية مرة اخرى وغيرت الإسم إلى ألعاب النساء العالمية .. وأقيمت الدورة الثالثة عام 1930 فى براج فى تشيكوسلوفاكيا بمشاركة 200 لاعبة من 17 بلد .. ثم الدورة الرابعة والأخيرة عام 1934 فى لندن بمشاركة 200 لاعبة من 19 بلد .. وأخيرا نجحت أليس العنيدة فى إجبار اللجنة الأوليمبية الدولية والعالم كله فى الاعتراف بالحق الرياضى والحق الأوليمبى لكل وأى فتاة وإمرأة فى العالم كله .. وكانت أليس إلى جانب حروبها الرياضية تعمل مدرسة إبتدائى فى إحدى مدارس مدينة نانت .. ثم تزوجت فى إنجلترا من جوزيف ميليات ولم ينجب الزوجان أى أطفال .. ومات جوزيف عام 1908 وبقت أليس وحدها تواصل حربها من أجل حقوق نساء العالم الرياضية والأوليمبية .. ونتيجة إجادتها أكثر من لغة أصبحت تعمل بالترجمة بدلا من التدريس .. وظلت أليس حتى وفاتها عام 1957 ملتزمة بقضيتها الأساسية التى لم تكن الحقوق الأوليمبية فقط .. إنما حق النساء فى أى بلد فى ممارسة الرياضة دون أى قيود أو موانع .. وبالتالى .. باتت أى لاعبة اليوم تحلم بميدالية أوليمبية أو المشاركة والفوز ببطولة عالم مدينة لهذه السيدة الفرنسية التى عاشت حياتها كلها لتضمن حق وتحافظ على أحلام كل لاعبات العالم