السبت. سبتمبر 20th, 2025
المشرف العام : محمد الدمرداش
رئيسا التحرير : احمد الاحمر , محمد قطب

kasnews – كاس نيوز

ول موقع رياضي للالعاب الفردية و الالعاب الجماعيه و كل ما هو جديد من اخبار الرياضه المحليه و العالميه

د.ياسر أيوب يكتب : الحرب والتجديف فى نيل الزمالك

لم تمض سنوات قليلة على قيام ثورة يوليو 1952 إلا وكان قادة الثورة قد اقتسموا فيما بينهم الاتحادات المصرية الرياضية .. الفروسية لحسين الشافعى والسلاح لعبد اللطيف البغدادى وتنس الطاولة لأنور السادات والسباحة لعلى صبرى وكرة السلة لعبد المحسن أبو النور والكرة الطائرة لعبدالله رفعت والرماية لكمال الدين حسين والإسكواش لصدقى محمود .. واختار زكريا محيى الدين اتحاد التجديف .. ولم يكن ذلك اختيارا بمحض المصادفة أو للجمع بين الوجاهة العسكرية والسياسية والوجاهة الرياضية أيضا .. إنما كان زكريا محيى الدين عاشقا حقيقيا للتجديف وبقى يمارسه فى النيل كلما سمحت الظروف بذلك .. ومع زكريا محيى الدين خاض التجديف واحدة من أشهر وأصعب الحروب التى خاضتها أى لعبة أو رياضة فى مصر


وقبل الحديث عن هذه الحرب .. لابد أن نعود للوراء كثيرا أو قليلا .. فرغم أن التجديف أساسا بدأ فى مصر الحديثة كرياضة فى بورسعيد والإسكندرية داخل مياة البحر المتوسط .. وبأندية بورسعيد والإسكندرية والنادى اليونانى فى القاهرة تأسس الاتحاد المصرى للتجديف عام 1907 .. وسرعان ما انتصرت القاهرة ونيلها على شواطىء المتوسط لتصبح هى مركز وعاصمة التجديف فى مصر .. فأسست جامعة فؤاد الأول أو القاهرة ناد خاص بها للتجديف ثم جاء شريف باشا صبرى خال الملك فاروق ليؤسس عام 1935 نادى التجديف الملكى .. وصمم مهندس إيطالى عوامة خاصة بالنادى على شكل زورق كبير يجلس فيه الملك فاروق لمتابعة سباقات التجديف وبطولاته .. وهى العوامة التى قيل أنها شهدت تصوير بعض مشاهد فيلم أيام وليالى بطولة عبد الحليم حافظ وإيمان .. ولكن الفيلم جرى تصويره فى عوامة يملكها حسين باشا شكرى


وإذا كانت هذه العوامة خاصة بالتجديف وسباقاته .. ففى وقت بنائها وبعده امتلأ شاطىء نيل الزمالك بالكثير من العوامات .. فقد كانت هناك عوامة لبديعة مصابنى ويلتقى فيها كبار الفنانين والصحفيين .. وعوامة للفنان الكبير نجيب الريحانى .. وعوامة لمنيرة المهدية وقيل أنها كانت أحيانا تشهد اجتماعات الحكومة .. وعوامة للراقصة حكمت فهمى التى تحولت إلى مقر للتجسس على القوات الإنجليزية فى مصر لمصلحة الألمان .. وتنافس أثرياء القاهرة وكبارها ومشاهيرها قبل ثورة يوليو وبعدها على امتلاك العوامات فى هذه المنطقة .. وعاش فى إحداها الأديب العالمى نجيب محفوظ حيث كتب داخلها اللص والكلاب وأولاد حارتنا وثرثرة فوق النيل الذى دارت أحداثه داخل عوامة .. ومثله أفلام كثيرة ارتبطت بالعوامة مثل فيلم العوامة 70 وأيام السادات لأحمد زكى وصعيدى فى الجامعة الامريكية لمحمد هنيدى والسفارة فى العمارة لعادل إمام


وجاء عام 1966 ليقرر زكريا محيى الدين بدء الحرب على هذه العوامات لاستعادة نيل الزمالك لمصلحة التجديف .. فقد كثرت هذه العوامات ورآها زكريا محيى الدين تؤثر على مسار المراكب فى النيل فكان لابد من إزالتها .. وقد يسهل الآن تخيل أن الأمر لم يكن يحتاج إلى حرب .. ولكن الواقع أن زكريا خاض وقتها مواجهة مع كثير من الكبار والأثرياء الذين اعتادوا حياة العوامات قريبا من مياة النيل .. وبالفعل نجح زكريا محيى الدين فى إبعاد كل هذه العوامات من نيل الزمالك إلى شاطىء نيل امبابة .. كانوا أكثر من مائة عوامة تم إعدام سبعة وثلاثين منها بعدما باتت متهالكة ولا تصلح أو لا تستحق الانتقال .. وانتقلت إلى امبابة خمسة وستون عوامة مع تغيير أصحابها الذين اعتبروا هذا النقل إهانة لهم لم يقبلوها فباعوا عواماتهم أو أهملوها مثل الفنان الراحل فريد الأطرش


وبقدر صعوبة تلك الحرب التى خاضها زكريا محيى الدين لمصلحة التجديف ضد عوامات الكبار والمشاهير على شاطىء نيل الزمالك .. بقدر حساسية التساؤل عما استفادت به رياضة التجديف فى مصر بعد هذا القرار واخلاء النيل لمراكب التجديف .. ولم تكن هناك اى نتائج إيجابية ملحوظة .. وبقى التجديف المصرى نشاطا محليا مع مشاركة رمزية أوليمبية .. واحتاج التجديف المصرى سنينا طويلة بعد ذلك حتى تبدأ وتتوالى بطولاته العربية والأفريقية ومشاركاته العالمية