د.ياسر أيوب يكتب : المصريون لم ولن ينسوا كل من يلعب وينتصر بإسم مصر .. “جيل بطل” أول أغنية مصرية عن بطلات وأبطال الألعاب الأخرى

منذ أن كتب جون كيليت عام 1918 أغنيته الشهيرة لتحية نادى وست هام الإنجليزى لكرة القدم .. لم يتوقف العالم عن مزج اللعب بالغناء .. ومنذ أن قدم جيرى مارسدن عام 1963 أغنية لن تسير وحدك لتصبح الأغنية الرسمية لنادى ليفربول وجماهيره .. أصبحت كرة القدم هى اللعبة الأكثر اقترابا من الموسيقى والغناء .. لكنها لم تكن وحدها .. فقد كانت ولا تزال هناك أغان لبقية الألعاب أيضا .. فقد غنى فريق كوين لكرة السلة وأيضا فريق بلاك آيد بياس .. وغنى جيم فوجرتى للبيسبول وأيضا ميت لوف .. وغنت كارلى راى جيبسينج للسباحة .. وكينى لوجينز للملاكمة .. ومارشال بروس وسام سبنس لكرة القدم الأمريكية .. وليو أرنولد للأبطال الأوليمبيين .. وأغان أخرى كثيرة لمختلف وكل ألعاب العالم علا صوتها فى استادات وصالات الولايات المتحدة وأوروبا
والآن .. ستسمع مصر لأول مرة طيلة تاريخها الرياضى أغنية باسم جيل بطل .. أغنية عبارة عن تحية لكل بطلاتها وأبطالها الذين لعبوا وإجتهدوا وتألقوا وإنتصروا فى ألعاب أخرى كثيرة بعيداً عن كرة القدم .. أغنية كتبها الدكتور حسن كمال رئيس اللجنة الطبية باللجنة الأولمبية المصرية .. ولحنها محمد عزيز وقام بتوزيعها إلهامى دهيمة وأحمد حسام .. وأخرجها تامر الضبع .. وقبل الحديث عن أحمد جمال الذى غناها والنجمات والنجوم الذين إقتسموا معه هذه الأغنية .. لابد من التوقف أولا أمام وقائع وتفاصيل تمنح هذه الأغنية بالتحديد معان إضافية تستحق التحية والتقدير والاحترام لمجرد الفكرة والهدف حتى قبل الإصغاء لكلمات شاعرها وأنغام ملحنها وصوت مطربها ورؤية مخرجها
فقبل هذه الأغنية .. كانت كرة القدم المصرية قد إستعارت من السياسة أغنية يا حبيبتى يا مصر للنجمة كبيرة الراحلة شادية لتصبح هى الأغنية شبه الرسمية لجماهير كرة القدم فى مصر .. إلى جانب أغان أخرى تعالى صوتها فى أوقات متفرقة مثل المصريين أهمه .. والله وعملوها الرجالة .. وأغنية ما شربتش من نيلها التى كانت الأغنية الرسمية لمنتخب حسن شحاتة فى أمم أفريقيا .. وهى كلها أغان لم يجر تقديمها أصلا من أجل كرة القدم إنما استعارتها اللعبة من أصحابها لتملأ فضاءات المدرجات والملاعب .. وعلى الرغم من هتافات جميلة إبتكرتها جماهير الأندية الكبيرة فى مصر مثل الأهلى الزمالك والإسماعيلى والاتحاد السكندرى والمصرى .. إلا أنها رغم صدقها وجمالها بقت هتافات جماهيرية لم تتحول خلال سنين طويلة إلى أغان ولم تحرض أى شاعر أو ملحن أو مطرب لتقديم أغنية لأى نادى أو حتى لكرة القدم المصرية مع إستثناءات قليلة جدا .. فالبداية كانت مع الراحل الكبير وعبقرى الموسيقى المصرية سيد درويش الذى حرص فى بداية عشرينات القرن الماضى على تقديم أغنية لنادى الإتحاد السكندرى .. وعبد الحليم حافظ الذى قدم عام 1957 للأهلى أغنية زين النوادى .. ومحمد رشدى الذى قدم عام 1962 للزمالك أغنية منصور يا زمالك .. وصباح التى غنت للناديين الكبيرين معاً وحيرتها بين الأهلى والزمالك
وفى السنوات الأخيرة .. زادت وتوالت وكثرت أغانى كرة القدم وأنديتها .. فغنى للأهلى أحمد عبية ولؤى إلى جانب أغنية إعتزال محمود الخطيب التى لا تزال تسكن ذاكرة جماهير الأهلى وأغان ألتراس الأهلى التى رددتها كل جماهير الأهلى .. وقدم عزيز الشافعى وهانى شاكر وأحمد طارق يحيى للزمالك أغان جميلة حفظتها كل جماهير الزمالك .. ووسط كل ذلك .. لم يفكر أى أحد تقديم أى أغنية عن أى لعبة مصرية أخرى بعيدا عن كرة القدم .. ربما لأنها ألعاب لا تملك الزخم الجماهيرى والإعلامى الكافى للتفكير فى تقديم أى أغان .. أو لأن كثيرين جدا فى مصر لا يزالون بعيدين عن واقع هذه الألعاب وتحدياتها وكل ما فيها من طموح ودراما وحكايات عن الانتصار والانكسار ..
ولهذا كانت حفاوة الكثيرين بأغنية جيل بطل .. التى تمردت على كرة القدم وإنحازت إلى بطلات وأبطال حقيقيين صنعوا إنتصارات تليق بحجم مصر ومكانتها وأهلها
ففى هذه الأغنية .. السباح العالمى على خلف الله أحد أسرع عشرة سباحين فى العالم .. وجيانا فاروق إحدى بطلات العالم فى الكاراتيه .. وعلاء الدين أبو القاسم البطل الأوليمبى فى سلاح الشيش .. وهداية ملاك البطلة الأوليمبية فى التايكوندو .. ومحمد إبراهيم كيشو صاحب لقب أفضل مصارع ناشىء فى العالم .. وسارة سمير البطلة الأولمبية فى رفع الأثقال .. وعلى زهران بطل الجمباز والمصرى الوحيد الفائز بستة ميداليات فى بطولات كأس العالم .. وإيهاب عبد الرحمن بطل أفريقيا والعرب والفرانكفون فى رمى الرمح .. وشريف عثمان البطل البارالمبى فى رفع الأثقال .. ونور حسين بطلة أفريقيا فى التايكوندو المتأهلة لدورة طوكيو الأولمبية العام المقبل .. والفارس محمد طاهر زيادة صاحب ذهبية بطولة الجائزة الكبرى .. وكل هؤلاء شاركوا أحمد جمال تصوير الأغنية الجديدة التى أنتجتها شركة روابط الرياضية بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأوليمبية المصرية
ولا تقتصر قيمة أغنية جيل بطل فقط على أنها الأغنية الأولى التى تلتفت إلى الألعاب الأخرى فى مصر .. أو فى جمال مفرداتها وموسيقاها وصورها وصوتها .. إنما تبقى قيمتها أيضا فى توقيتها ..فالأغنية خرجت إلى النور فى زمن كورونا حيث الوباء الذى أوقف النشاط الرياضى فى مصر والعالم كله ومعظم الألعاب المصرية تعيش قمة تألقها وفوران طموحاتها ما بين الفوز ببطولات قارية وعالمية وأحلام مشروعة فى ميداليات أوليمبية .. وفجأة توقف كل ذلك ولم تعد هذه الألعاب ونجومها وأبطالها يجدون من يتذكرهم ويهتم بهم أو يتابع أخبارهم أو يساندهم حتى معنوياً وإعلامياً ونفسياً .. وكأن كل هؤلاء اللاعبات واللاعبين .. رغم إنجازاتهم وإنتصاراتهم ونجاحاتهم .. تحولوا إلى كم مهمل وتم نسيانهم وتجاهلهم بشكل كامل .. وبالطبع بات من السهل توقع كم الحزن الذى إستسلم له هؤلاء الأبطال وإحساسهم بالإحباط والمرارة .. وجاءت هذه الأغنية لتفاجئهم بأنهم فى الذاكرة والبال .. وأن هناك من لا يزال يهتم بهم ويحتفل معهم بكل إنتصاراتهم ويشاركهم كل وأجمل وأغلى طموحاتهم وأحلامهم