د.ياسر أيوب يكتب : هى وهو .. من منهما أقوى فى ملاعب التنس

فى عام 1888 .. شهد العالم لأول مرة مباراة تنس بين لاعب ولاعبة .. اللاعب كان الإنجليزى إرنست رينشو البالغ من العمر 27 عاما بينما كانت اللاعبة الإنجليزية أيضا هى شارلوت دود البالغة من العمر 17 عاما .. وحين فاز إرنست ببطولة ويمبلدون للرجال وفازت شارلوت بالبطولة نفسها للسيدات للعام الثانى على التوالى .. كانت الفكرة أن يلتقى البطل والبطلة .. وتم الاتفاق قبل بدء المباراة على أن تبدأ شارلوت كل شوط وهى متقدمة بنقطتين .. وبالفعل فازت شارلوت بالمجموعة لأولى ثم خسرت المجموعتين التاليتين ليفوز إرنست بالمباراة .. واعتبر كثيرون وقتها هذا الفوز بمثابة تأكيد لتفوق الرجال فى التنس على النساء .. فقد فاز إرنست الذى لم يفز بالويمبلدون إلا مرة واحدة فقط على شارلوت التى فازت بالويمبلدون خمس مرات وكانت المرة الأولى قبل أن تكل من عمرها 16 عاما لتبقى أصغر بطلة فى تاريخ الويمبلدون
وتوالت بعد ذلك لقاءات أو مواجهات لاعبى التنس ولاعباته .. ففاز بيل تيلدين على سوزان لينجلين عام 1922 .. ثم قررت هيلين ويلس تحدى الرجال عام 1928 وخاضت مباريات ضد بيل جونستون وإدوارد شندلير وخسرت لكنها فازت على فيل نير وإيلمر جريفين .. ولم تستطع دوروثى راوند الفوز على بانى أوستن عام 1936 .. واضطر العالم بعد ذلك للانتظار طويلا حتى عام 1973 ليشهد نفس هذا التحدى من جديد .. ويشهد أيضا الفوز الأول للنساء على الرجال .. ففى الولايات المتحدة أقيمت تلك المباراة التاريخية بين اللاعب بوبى ريجز واللاعبة بيللى جين كينج .. وكان بوبى ريجز وقتها فى الخامسة والخمسين من العمر واعتزل عام 1951 بعدما كان المصنف الأول عالميا ثلاث مرات وفاز بست ألقاب لبطولات الجائزة الكبرى .. وكان بوبى دائم الترديد أن التنس لعبة للرجال لا تقوى عليها النساء .. وفى عام 1973 .. قال بوبى أنه فى الخامسة والخمسين ورغم ذلك يستطيع الانتصار على أى لاعبة تنس مهما كانت قوتها وبطولاتها وانتصاراتها .. فقررت المصنفة الأولى عالميا وقتها .. بيللى كينج .. أن تتحدى بوبى المتعجرف والمغرور .. وبالفعل .. فى العشرين من سبتمبر عام 1973 .. وفى مدينة هيوستن .. أقيمت المباراة التى التفتت إليها أنظار كل أسرة التنس العالمية .. وكثيرون أيضا رادوا معرفة من سيفوز .. بوبى أو الرجل .. أم بيللى أو المرأة .. وكانت المفاجاة هى فوز اللاعبة على اللاعب بثلاثة أشواط .. ولم تفز بيللى بمائة ألف دولار فقط كانت قيمة الجائزة المعلن عنها قبل المباراة .. إنما كانت جائزتها أيضا هو نجاحها فى تغيير رؤية العالم لكل فتاة وإمرأة داخل أى ملعب تنس .. وعلى حد تعبير اللاعبة نفسها .. فقد قالت بيللى بعد المباراة أن انتصارها كان ضروريا جدا للتنس النسائى وكان أكثر ضرورة لكل الحركات المطالبة وقتها بحقوق المرأة وحريتها ومساواتها مع الرجل
وبالفعل تغيرت نظرة الجميع للتنس النسائى بعد هذه المباراة وحتى الآن .. وكل ذلك كان مجرد مقدمة طويلة بعض الشىء للتعليق على دعوة أطلقها الأسبوع الماضى نجم التنس العالمى روجر فيدرير لدمج رابطتى لاعبى التنس المحترفين ولاعبات التنس أيضا .. وكان فيدرير يقصد أنه فى ظل أزمة كورونا .. وبعد توقف نشاط التنس فى العالم كله .. فلابد من تضافر جهود الجميع وترابطهم من أجل اللعبة نفسها ومن أجل لاعبين ولاعبات كثرين جدا تأثروا اقتصاديا ونفسيا نتيجة هذا التوقف .. لكن الحجر الذى ألقاه فيدرر فى مياة التنس تخطى كثيرا حدود رابطتى المحترفين والمحترفات .. وإنما فتح النوافذ كلها أمام قضية قديمة .. فلم تشهد رياضة العالم طيلة تاريخها مثل هذا التحدى بين الرجال والنساء قدر ما شهدته لعبة التنس .. ولا ينشغل أهل أى لعبة أخرى بمثل هذا الصراع الدائم .. وليست هناك لعبة أخرى غير التنس تبقى فيها اللاعبات يزعمن بأنهن أقوى وأفضل من اللاعبين الرجال .. ولأنه صراع لم يتم بعد حسمه بشكل نهائى وقاطع .. فقد استمرت المواجهات والمباريات التى تجمع بين اللاعبين واللاعبات .. آخرها كان عام 2013 حين قررت اللاعبة الصينية لى نا تحدى النجم الصربى الكبير نوفاك ديكوفيتش .. وفازت لى نا بالمباراة 3 / 2 .. أما أشهر تحدى فهو الذى لم يكتمل عام 2015 بين النجم الكبير والشهير جون ماكنرو والنجمة الكبيرة أيضا سيرينا وليامز .. كان جون ماكنرو وقتها فى السادسة والخمسين بينما كانت سيرينا فى الرابعة والثلاثين .. وتعليقا على ذلك قال ماكنرو أن رجل الأعمال دونالد ترامب .. الذى سيصبح فيما بعد رئيسا للولايات المتحدة .. سبق له أن طلب هذه المواجهة بينه وسيرينا وليامز لكن لم يقبل ماكنرو لعب هذه المباراة لأنه كان قليلا جدا المقابل المالى الذى عرضه ترامب